الخامس والستون
هذا باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب
فمن ذلك قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) (١) ، أي : لاذا عصمة ، ليصح استثناء قوله : «من رحم» منه.
ويحمل الفراء على : «لا معصوم». ويحمله غيره على بابه ، ويكون «من رحم» بمعنى : «راحم».
/ ومن ذلك قوله تعالى : (حِجاباً مَسْتُوراً) (٢) ، أي : حجابا ذا ستر ، لأن الحجاب ستر لا يستر.
ومنه قوله : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٣) ، إنه بمعنى : «مرضية» ، والوجه ما قلنا.
ومن ذلك : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) (٤) ، أي : ذى دفق. والفرّاء يقول : من ماء دفوق. فهذا كله محمول على النسب. قال الحطيئة :
وغررتنى وزعمت أنّ |
|
ك لابن فى الصيف تامر (٥) |
أي : ذو لبن وذو تمر.
ومنه عندى : خير الملك سكة مأبورة أو مهرة مأمورة (٦).
أي : ذات كثرة ؛ لأن «أمر القوم» : إذا كثروا ، فهو مثل قوله : (حِجاباً مَسْتُوراً). قال : قال أبو عمرو : إنما نعرف «مأمورة» على هذا الوجه ، ولا نعرف «أمرته». أي : كثرته. وحكاه غيره ، فإن صحّ فهو على بابه.
__________________
(١) هود : ٤٣.
(٢) الإسراء : ٤٥.
(٣) الحاقة : ٢١.
(٤) الطارق : ٦.
(٥) الرواية في الكتاب (٢ : ٩٠) :
فغرزتني وزعمت أن |
|
ك لابن بالصيف تامر. |
(٦) لفظ الحديث : «خير المال مهرة مأمورة ، وسكة مأبورة». (النهاية).