إلّا أفائل أعطيتها عديد قوائمه الأربع (١) فقال : لم أعط شيئا. ثم قال : إلا أفائل أعطيتها.
وعلى هذا قولهم : ما أنت بشىء ، أي : شىء يقع به اعتداد. فهذا قريب من قولهم: تكلمت ولم تتكلم.
وقريب من هذا قول الكميت :
سئلت فلم تمنع ولم تعط نائلا |
|
فسيّان لا ذمّ عليك ولا حمد |
كأنه لم يعط عطاء يكون له موضع ، أو يكون له اعتداد.
وقريب من هذا قوله تعالى : (فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٢) والذي لا يموت يحيا ، والذي لا يحيا يموت ؛ ولكن المعنى : لا يحيى حياة طيبة يعتد بها ولا يموت موتا مريحا ، مما دفعوا إليه من مقاساة العذاب ، وكأن الإحياء للعذاب ليس بحياة معتدّ بها.
قال عثمان : وأما حذف الحال فلا يحسن ، وذلك أن الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها ، وما طريقه طريق التوكيد غير لائق به الحذف ، لأنه ضد الغرض ونقيضه ، ولأجل ذلك لم يجز أبو الحسن تأكيد «الهاء» المحذوف من الصلة ، نحو : الذي ضربت نفسه زيد ، على أن يكون «نفسه» توكيدا للهاء المحذوفة من «ضربت» وهذا مما يترك مثله كما يترك إدغام الملحق إشفاقا من انتقاض الغرض بإدغامه.
__________________
(١) الأفائل : صفار الإبل.
(٢) طه : ٧٤.