مثاله أنه إذا قيل لنا : ما الواجب بالحنث في اليمين؟ فلا يجوز أن نقول إنه العتق أو الكسوة أو الإطعام ، بل نقول : أحد هذه الخلال الثلاثة لا بعينه.
فإذا لم يكن المال واجبا بالقتل وجب القود على الخصوم.
وروي عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم :
«من قتل في رمياء أو عمياء تكون بينهم بحجر أو بسوط أو بعصا فعقله عقل خطأ ، ومن قتل عمدا فقود يده ، ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين(١)».
ولو كان الواجب أحدهما لما اقتصر على ذكر القود دونهما ، لأنه غير جائز أن يكون له أحد أمرين فيقتصر النبي عليه السلام بالبيان على أحدهما دون الآخر ..
وعلى القول الآخر يحتج بقوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) .. الآية ، وهذا يحتمل معاني :
أحدها : أن العفو ما سهل ، قال الله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ)(٢) يعني ما سهل من الأخلاق ، وقال صلّى الله عليه وسلم : «أول الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله» (٣) يعني تسهيل الله على عباده.
وقال تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) يعني الولي إذا أعطى شيئا من المال فليقبله وليتبعه بالمعروف وليؤد القاتل إليه بإحسان ،
__________________
(١) رواه ابن ماجة بنحوه رقم ٢٦٣٥ ، وأبو داود بنحوه باب القصاص من النفس.
(٢) سورة الأعراف آية ١٩٩ وأصل العفو في اللغة البذل.
(٣) رواه الترمذي والدار قطني والبيهقي في الخلافيات.