عَفَوْا)(١). يعني حتى كبروا فسمنوا ، وقال صلّى الله عليه وسلم : «أعفوا اللحى» ، فتقدير الآية : فمن فضل له على أخيه شيء من الديات التي وقع الإصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف ، وليؤد إليه بإحسان ..
المعنى الرابع : أنهم قالوا في الدم بين جماعة إذا عفا عنهم تحول أنصباء الآخرين مالا ، وقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) يدل على وقوع العفو عن شيء من الدم لا عن جميعه ، فيتحول نصيب الشركاء مالا ، فعليهم اتباع القائل بالمعروف ، وعليه أداؤه إليهم بإحسان ..
والإتباع بالمعروف أن لا يكون بتشدد وإيذاء ، وعلى المطلوب منه الأداء بإحسان ، وهو ترك المطل والتسويف ، (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) أي جواز العفو على مال تخفيف ، ولم يكن ذلك إلا لهذه الأمة ، (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) أي قتل القاتل بعد أخذ الدية ، (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
المعنى الخامس : أخذ ولي الدم المال بغير رضا القاتل ، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله ، فقيل لهؤلاء : العفو لا يكون مع أخذه ، ألا ترى أن النبي عليه السلام قال : «العمد قود إلا أن يعفو الأولياء» (٢) فأثبت له أحد السببين من قتل أو عفو ، ولم يثبت له مالا ، فلئن قيل : إنه إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافيا وتناوله لفظ الآية ، قيل له : لو كان الواجب أحد سببين لجاز أيضا أن يكون عافيا بتركه المال ،
__________________
(١) سورة الأعراف آية ٩٥.
(٢) روى الطبراني عن عمرو بن حزم : العمد قود والخطأ دية ، قال الهيثمي : وفيه عمران بن أبي الفضل وهو ضعيف (مناوى).