وأخذ القود ، فلا ينفك الولي في اختيار أحدهما من عقد (١) قتل أو أحذ المال ، وهذا بعيد.
ويجاب عنه بأن يقال : عفا لسقوط أثر المال في حق من عليه القود بالإضافة إلى القتل ، وإذا عدل عن المال إلى القتل لم يظهر لإسقاط المال وقع ، فلا يقال : عفا ، فإن العفو يؤذن بتخفيف وترفيه عرفا ، وإن كان العدول عن أحدهما إلى الآخر عفوا عن المعدول عنه ، وإسقاطا له.
فقيل لهم : فهذا ينفيه الظاهر من وجه آخر ، وهو أنه إذا كان الولي هو العافي بتركه القود وأخذه المال ، فإنه لا يقال عفا له ـ وإنما يقال عفا عنه ـ إلا بتعسف ، فيقيم اللام مقام عن ، أو بحمله على أنه عفا له عن الدم ، فيضم حرفا غير مذكور.
وعلى تأويل من يخالفه : العفو بمعنى التسهيل ، وهو أن يسهل له القاتل إعطاء الأموال ، كما يقال : سهل الله لك كذا ويسر لك ، فيكون العفو بمعنى التسهيل من جهة القاتل بإعطائه المال ، ولأن قوله : (مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) يقتضي التبعيض.
وعلى أحد قولي الشافعي هو عفو عن جميع الدم لا عن شيء منه ، فمتى حمل على الجميع كان مخالفا مقتضى الكلام ، وفي الحمل على كل محمل حيد عن الظاهر من بعض الوجوه ، فلا يبعد أن يكون الجميع مرادا ، فإن اختيار الدية يوجب إسقاط القصاص ، حتى لو أراد العدول إليه بعده لا يجوز.
وشهد لأحد القولين قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الآية ، وقوله صلّى الله عليه وسلم في قصة الربيع
__________________
(١) في نسخة : من عفو قتل ، أي عفو من القتل.