بل الصحيح المروي في الفقيه في كتاب الشهادات ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « لا تصلّ خلف من يبتغي على الأذان والصلاة بين الناس أجراً ، ولا تقبل شهادته » (١) وهو نصّ في التحريم.
( و ) على ( القضاء ) والحكم بين الناس ، فإنّها من أحد المتحاكمين رشوة محرّمة ، كما مضت إليه الإشارة. وكذا من غيرهما ، مطلقاً ، وفاقاً للحلبي والحلّي (٢) وجماعة (٣) ؛ للصحيح : عن قاضٍ بين فريقين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق ، فقال : « ذلك السحت » (٤) بحمل الرزق فيه على الأجر ؛ للإجماع على حلّه ، ولأنّه لمّا كان جائزاً لجملة المسلمين المحتاجين من بيت المال فلا وجه للفرق بين القاضي وغيره (٥).
خلافاً للمفيد والنهاية والقاضي (٦) ، فيجوز مع الكراهة ؛ للأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة ، لعدم دلالة الصحيح على الأُجرة ، وصرف الرزق فيه إليها بمعونة الأمرين المتقدّمين ليس بأولى من صرف السحت فيه بهما إلى الكراهة ، بل هو أولى ، لموافقة الأصل.
ويمكن ترجيح الأوّل بأنّ المجاز اللازم على تقديره التقييد دون
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٢٧ / ٧٥ ، الوسائل ٢٧ : ٣٧٨ أبواب الشهادات ب ٣٢ ح ٦.
(٢) الحلبي في الكافي : ٢٨٣ ، الحلي في السرائر ٢ : ٢١٧.
(٣) منهم : العلاّمة في القواعد ١ : ١٢١ ، والشهيد الثاني في الروضة ٣ : ٧١.
(٤) الكافي ٧ : ٤٠٩ / ١ ، الفقيه ٣ : ٤ / ١٢ ، الوسائل ٢٧ : ٢٢١ أبواب آداب القاضي ب ٨ ح ١.
(٥) مضافاً إلى ما روي عن الخصال : ٣٢٩ / ٢٦ ، أنّه روي عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن عمار بن مروان قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : كل شيء غلّ من الإمام عليهالسلام فهو سحت ، والسحت أنواع كثيرة ، منها ما أُصيب من أعمال الولاة الظلمة ، ومنها أُجور القضاة ، وأُجور الفواحش ، وثمن الخمر والنبيذ المسكر ، والربا بعد البيّنة. ( منه رحمهالله ).
(٦) المفيد في المقنعة : ٥٨٨ ، النهاية : ٣٦٧ ، القاضي في المهذب ١ : ٣٤٦.