أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١٠) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١١) وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ
____________________________________
منهم انهم يدخلون الجنة (أَمانِيُّهُمْ) الكاذبة التي يعللون بها أنفسهم انهم يدخلون الجنة (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) وحجتكم على هذه الدعاوي وتلك الأماني (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيها فإن الصادق لا بد له من حجة وبرهان ١١٠ (بَلى) رد وابطال للنفي الذي قالوه على نحو قوله تعالى في سورة التغابن (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ)(مَنْ أَسْلَمَ) نحو اسلم أمره الى الله أي وكله وخلاه ولم يتداخل فيه بمعارضة المشيئة فالمراد هنا كما في سورة آل عمران ١٨ والنساء ١٢٤ ولقمان ٢١ أي وكل وخلا (وَجْهَهُ) الوجه معروف والمراد الكناية عن إقباله وتوجهه في سبيل المعرفة والعبادة والطاعة وطلب التوفيق والهدى وأسلمه (لِلَّهِ) ولم يتداخل فيه بزيغ الأهواء ونزغات الضلال ونزعات النفس الأمارة. والى هذا تنحو أقوالهم في التفسير. أخلص نفسه لله. او وجه وجهه لطاعة الله. او فوّض امره لطاعة الله (وَهُوَ مُحْسِنٌ) في عمله (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أفرد الضماير باعتبار لفظ «من» (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من عقاب الله (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) من اجل استحقاقهم للعقاب. قال في الدر المنثور في نزول الآية الآتية اخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وذكر قصة ذكرت في التبيان ومجمع البيان بقولهما قال ابن عباس وأوردها الواحدي كالمعلومات بلا رواية وفي القصة ان واحدا من نصارى نجران قال لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة. ويوهن القصة انه ليس في النصارى من يجحد نبوة موسى ويكفر بالتوراة بحيث ينسب الله كلامه الى النصارى بقوله (وَقالَتِ النَّصارى) وما آفة الأخبار إلا رواتها ١١١ (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) لأنهم ليسوا على نحلتهم (وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) لأنهم ليسوا على نحلتهم وكل من الفريقين يوجه قوله المذكور الى كل من لم يكن على نحلته حتى الى المسلمين يقولون قولهم هذا (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) أي نوعه وهي الكتب التي بأيديهم وينسبونها الى الوحي والنبوة مع ان في تلك الكتب كلمات حق وبقية من الوحي الحقيقي بحيث يدينون