وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٣) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
____________________________________
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي نحوه والقبلة هي الكعبة بالضرورة كما يلهج بذلك المسلمون في تلقين موتاهم وفي تعقيباتهم وغير ذلك. وجاءت بذلك الأحاديث بنحو لا يقصر عن التواتر. ففي جامع البخاري وغيره عن ابن عمر ان النبي ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه القبلة. وفي جوامع البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والموطأ عن البراء وانس وابن عمر في حديث تحول القبلة ان تحول المصلين كان الى الكعبة وروى الفريقان ان الأرض زويت لرسول الله ورأى الكعبة فجعل محرابه بإزاء الميزاب. ومن طريق الامامية أورد في الوسائل نحو اربعة عشر حديثا في ان الكعبة هي القبلة. واكثر هذه الأحاديث تصرح بان الكعبة هي التي صرف إليها رسول الله في هذه الآية. ولا مانع من ان تسمى الكعبة مسجدا باعتبار انها يسجد إليها. او يقال ان الآية نزلت في السنة الثانية من الهجرة فكان الخطاب بجعل الكعبة قبلة عامة ومتوجها لرسول الله ومن معه من المسلمين واهل المدينة وضواحيها فجرى التعبير بالمسجد الحرام باعتبار سعة استقبالهم للكعبة باستقبال المواجهة والاحترام والتعظيم مما يتحقق به ذلك عند الناس كما هو الظاهر من الآية. وان استقبالهم للمسجد بهذا النحو يلزمه استقبال الكعبة بهذا النحو ايضا (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) اي نحوه بالنحو المتقدم دون الاستقبال الهندسي لان تكليف النائين به حتى مثل اهل المدينة بل ما كان عن مكة بمرحلة مثلا يستلزم التكليف بما لا يطاق. ولا شك في انه كلما بعد المستقبل اتسعت وجهة استقباله للكعبة بالمواجهة الاحترامية التعظيمية وقد استقصينا الكلام في ذلك في رسالتنا في القبلة (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) اليهود والنصارى (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) أي التحويل الى الكعبة هو (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) إما لأنهم يعلمون ان أمر القبلة والاستقبال منوط بتشريع الله وأمره وإما لأنهم يعلمون ان الكعبة هي بيت الله من زمان ابراهيم. وفي مجمع البيان لأنه كان في بشارة الأنبياء لهم انه يكون نبي صفاته كذا وكذا وانه يصلي الى القبلتين ونحوه في الكشاف (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) من أقوالهم وأفعالهم عنادا على خلاف ما يعلمون ١٤٣ (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ولم يوفقوا للإيمان بك