بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٤) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٥) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٦) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
____________________________________
(بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) أي الكعبة (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) اتباعا خصوصا بعد ما أمرت بالتوجه شطر المسجد الحرام (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) فان النصارى تتوجه الى المشرق واليهود الى بيت المقدس (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) هذا توبيخ لهم وتبكيت بأنهم اصحاب أهواء فاسدة لا يتبعها الا الظالمون. وخوطب بذلك رسول الله لقطع اطماعهم ولبيان فضله لأنه لا يتبع أهواءهم ابدا بدليل قوله تعالى اي يعرفون رسول الله على الصفات التي وصف بها في كتبهم والاسم الذي سمي به بنحو لا ينبغي الريب فيه كما في تفسير البرهان عن محمد بن يعقوب الكليني بسند فيه رفع عن امير المؤمنين عليهالسلام. وعن علي بن ابراهيم في الحسن كالصحيح عن الصادق (ع). وفي الآية التفات من الخطاب الى الغيبة (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) وان غابوا عنهم مدة طويلة (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) به من كتبهم وهذا الفريق هم من عدى الأوباش الذين لا يعلمون شيئا من كتبهم ومن عدى الذين اسلموا او شهدوا بالحقّ وأصروا على الغيّ ١٤٥ (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي هو الحق من ربك (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الشاكين فيما تقوم عليه الحجة العلمية. والخطاب في النهي يراد به غير النبي كما في قوله تعالى في سورة الاسراء ٢٤ و ٢٥ (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ ـ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما) ـ وقل ـ واخفض ـ وقل ١٤٦ (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) لم أجد عن النبي واهل البيت شيئا في ذلك. ويمكن تفسير الآية بالنظر في سورة المائدة في قوله تعالى (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) «الآية» فالمعنى والله العالم ولكل من الأمم الذين شرع الله لهم احكاما شريعة ولاه الله إياها وامره باتباعها ما لم تنسخها الشريعة والوجهة التي بعدها فيولى الله الناس إياها (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)