أَيْنَما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٧) وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا
____________________________________
وجاء قوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا) متعدّيا الى المفعول بنفسه هاهنا وفي آية الانعام وفي سورة يوسف (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) وفي سورة يس (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) ولو كانت بمعنى الاستباق وطلب السبق بكسر السين لوجب تعديتها بإلى. والنصب بنزع الخافض في مثل المقام بعيد من كرامة القرآن في عربيته وفصاحته. فالوجه انها في هذه الموارد من طلب السبق بفتح السين والباء وهو ما يحصله السابق بسبقه ومنه السبق المجعول في رهان المسابقة وفي جعل الخيرات والباب والصراط في الآيات سبقا بفتح السين والباء كناية لطيفة عن انه هو الغاية المطلوبة والفائدة المقصودة في المسابقة وحاصل المعنى والله العالم لكل أمة شريعة أمرت باتباعها وقد نسخ بعض الشرائع فسارعوا الى الحق واطلبوا ان تكون خيرات الأحكام وهي التي لم تنسخ وجاء بها الكتاب الذي يهدي للتي هي أقوم هذه اطلبوها سبقا لكم والغاية الشريفة من مسارعتكم وما هي إلا شريعة رسول الله والقرآن الكريم. ومن ذلك وأهم مصاديق الخيرات هي الولاية كما عن الكافي عن الباقر «ع» كما في آية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ). وحديثي الغدير. والثقلين وغير ذلك. (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وباعتبار السياق يكون المعنى ان يجمعكم يوم القيامة للحساب والجزاء من عذاب او نعيم ولا يعجز الله حشركم وجمعكم فإنه يأتي بكم أينما تكونوا. واما باعتبار عموم اللفظ وكثرة مصاديقه فقد روى في تفسير البرهان نحو اثنتي عشر رواية عن الأئمة «ع» انهم استشهدوا بالآية لجمع الله اصحاب الحجة المنتظر من أطراف الأرض الى النهوض مع الحجة عليهالسلام. وللتأكيد في امر استقبال الكعبة في الصلاة وعمومه في جميع الأحوال سفرا وحضرا قال الله تعالى ١٤٧ (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) سواء كان الخروج من مكة الى المدينة او من المدينة الى الشام بحيث يكون الوجه في المسير الى بيت المقدس على الانحراف اليسير او الاستقامة ام كان الى جهة مكة او المشرق او المغرب (فَوَلِّ وَجْهَكَ) في جميع هذه الأحوال وجميع الجهات (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) نحوه (وَإِنَّهُ) اي التوجه الى المسجد الحرام في الصلاة على الإطلاق المنصوص عليه (لَلْحَقُّ مِنْ) امر (رَبِّكَ) وشريعته الجارية على الحكمة وكرامة البيت وان الله لا يضيع اجركم في امتثال امره (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ١٤٨ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ