فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٧) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٨) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٥٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦٠) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦١) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ
____________________________________
غير المطاوعة. ومن ذلك قول امرؤ القيس في معشوقته :
«تنورتها من أذرعات ودارها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عالي» |
فالمعنى ومن اتخذ الخير المشروع طاعة بطلب لها ورغبة. ولا دليل من اللغة ولا من هيئة التطوع او مادته على اختصاصه بالمستحبات. بل ان المقام يأبى ذلك فإن السعي حق في الحج والعمرة المندوبين يجب بالشروع فيهما. وحاصل الآية ان التطوف بالصفا والمروة خير لأنه تعظيم لشعائر الله وطاعة له في ذلك من تطوع خيرا (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) بالطاعة لا يخفى عليه شيء منها ومجاز عليها. وإن كان الشكر مختصا بالنعمة واليد فنسبته الى الله مجاز ١٥٧ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ) الواضحات في الإرشاد (وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ) وأوضحنا دلائله (فِي الْكِتابِ) والعموم في الكتاب للقرآن وغيره من كتب الله أنسب بعموم التوبيخ وقيام الحجة واستحقاق اللعنة. ولذلك مصاديق كثيرة. ومنها ما رواه في البرهان عن العياشي (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ) يطردهم عن رحمته (وَيَلْعَنُهُمُ) أي يدعو عليهم بالطرد عن الرحمة (اللَّاعِنُونَ ١٥٨ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا) اعمالهم (وَبَيَّنُوا) ما كانوا يكتمونه وغيره مما ينبغي بيانه من الحق (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ) على من تاب حق التوبة (الرَّحِيمُ ١٦٠ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ) وطردهم عن رحمته (وَ) لعنة (الْمَلائِكَةِ) اي دعائهم باللعنة (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) بلعنهم للظالمين والجاحدين للحق. ومن طرده الله عن رحمته فهو معذب ١٦٢ (خالِدِينَ فِيها) اي في اللعنة فهم خالدون في العذاب (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) من النظرة والإمهال في العذاب والإمهال للاعتذار والتوبة ١٦١ (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) في الإلهية وصفاتها لا شريك له فيها (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)