شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٨) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ
____________________________________
لأخيه اخوّته ويسامحه ويقيله عثرته (شَيْءٌ) صفة للمفعول المطلق النائب عن الفاعل اي بعض العفو وشيء منه بأن رضي منه بالدية كما يدل عليه باقي الكلام (فَاتِّباعٌ) اي فالمعاملة المناسبة ان تكون بينهما بعد العفو والشأن الذي ينبغي ان يكون بينهما في هذا المقام هو اتباع من الولي للجاني الذي استقرت عليه الدية (بِالْمَعْرُوفِ) كالنظرة إلى الميسرة (وَأَداءٌ) من الجاني (إِلَيْهِ) اي الولي (بِإِحْسانٍ) كما احسن اليه بالعفو عن القصاص (ذلِكَ) اي شريعة العفو والانتقال الى الدية بالاتباع بالمعروف (تَخْفِيفٌ) عليكم ايها الجانين (مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) وعاد الى القتل (فَلَهُ عَذابٌ) في الآخرة (أَلِيمٌ ١٧٧ وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ) المذكور (حَياةٌ) فانه احسن رادع للناس عن جرأتهم على قتل النفوس الذي ربما يجني حربا يفنى فيها كثير من الناس فإن القصاص قتل لا يقدم عليه لما فيه من ذلة الانقياد الى ما يعلمه من القتل صبرا حيث لا مانع ولا رادع. فهو فيه حياة للناس من حيث الأمن من القتل ظلما ومما تجنيه عواقبه وحياة لمن يرتدع عنه بخوف القصاص فهب انه مات اتفاقا بحق القصاص انسان واحد ظالم لكن تحفظ بذلك حياة كثيرين كما لا يخفى ذلك عليكم (يا أُولِي الْأَلْبابِ) والعقول الذين يعرفون الغلط في قول بعض الناس ان القصاص محض نقصان في حياة الإنسان. وقد كتب القصاص لغاية ان تتقوا قتل الناس خوفا منه او تتقوا الله في ذلك ولكن لأجل ان الاتقاء والتقوى امر اختياري للإنسان لا إلجاء فيه قيل فيه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٧٨ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) اي قرب منكم بان ظهرت أماراته بالمرض ونحوه (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) اي مالا (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) بما هما والدان لا بقيد اجتماعهما في الحياة والوصية نائب الفاعل لكتب (وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) اقرب الأقرباء وقد يكونون اثنين او جماعة في مرتبة واحدة من القرابة وقد يكون الأقرب واحدا وجرى الجمع في الآية باعتبار الناس لا للتقييد بالجمع (حَقًّا) الظاهر انه حال من الوصية (عَلَى الْمُتَّقِينَ) لله وفي هذا تأكيد لكتابتها. ولا يخفى ان المسلمين مجمعون على ان هذه الوصية غير واجبة