(١٧٩) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨٠) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ
____________________________________
بعد زمان من الهجرة الى آخر الأمر. وأجمعت الإمامية على ان شرعية الوصية للوارث غير منسوخة وعلى ذلك أحاديثهم. ويمكن ان يكون الوجوب المذكور في الآية كان في بدء التغيير بالشريعة لمواريث الجاهلية فإنهم كانوا لا يورّثون النساء ولا الأطفال ولا من يعجز عن حمل السلاح فاقتضت الحكمة ان يكون التغيير تدريجيا بنحو الوصية أولا ثم بأحكام المواريث فإن تغيير الميراث الجاهلي صعب على الناس. ولذا ترى كثيرا من القبائل حتى في هذه الأزمنة لا ينقادون للميراث الشرعي. بل يجرون على النحو الجاهلي ١٧٩ (فَمَنْ بَدَّلَهُ) اي الإيصاء مطلقا المدلول عليه بذكر الوصية لا خصوص الوصية المتقدمة كما يدل عليه التذكير المتكرر لضميره اربع مرات كما يشهد له ما استفاضت روايته عن الأئمة عليهمالسلام بهذه الآية للوصية بالمال في سبيل الله والحج (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) وعلم به ولو بالبينة (فَإِنَّما إِثْمُهُ) اي الذي يترتب على مخالفة الإيصاء (عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) فإن الموصي إذا لم يكن مقصرا بتأخير ما اوصى به خرج بالوصية عن عهدته وإثمه دينا كان او عينا وبقي الإثم كله على المبدّل (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) لا يخفى عليه شيء من ذلك ١٨٠ (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) ميلا عن الحق خطأ (أَوْ إِثْماً) كالوصية بما لا يخفى كونه معصية. وظاهر الآية خوف ما وقع من الجنف أو الإثم لا خوف وقوعهما في المستقبل او الخوف في المستقبل كما لو قيل ان خاف او ومن يخاف ومقتضى الخوف ان يكون ذلك في مقام الابتلاء والعمل وهو ما بعد موت الموصي وخوفهما هو الخوف من تبعات العمل بهما او ترك ردهما الى الحق ولو من باب الأمر بالمعروف للقادر عليه كما تقول خفت الأسد إذا خفت من تبعات عاديته (فَأَصْلَحَ) أصلح عمله وعمل الصالح برد الوصية الى الحق المشروع كقوله تعالى في سورة المائدة ٤٣ (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ) ونحوه في سورة المائدة ٤٨ و ٥٤ وغير ذلك (بَيْنَهُمْ) ظرف لأصلح والضمير يعود الى الوارث والموصى لهم كما يدل عليه المقام. وفي مجمع البيان انشد الفراء في مثله
«أعمى إذا ما جارتي خرجت |
|
حتى يواري جارتي الخدر» |
«ويصمّ عما كان بينهما |
|
سمعي وما بي غيره وقر» |