أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩٠) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩١) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٢) الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ
____________________________________
المسلمين ويصرفوهم عن دينهم بالعذاب مرة وبالقتال أخرى (وَالْفِتْنَةُ) وصرف المؤمنين عن دينهم واضلالهم (أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ضررا على نوع الإنسان فإن الضال المضل جرثومة فساد في الأرض كما قال جلّ اسمه في سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ)(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ويشمل التحريم مكة وما هو حريم للمسجد (حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) أي في حرمه بقرينة قوله تعالى عند المسجد (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ) عند المسجد (فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) في اعتدائهم وهتكهم لحرمة المسجد الحرام ١٩٠ (فَإِنِ انْتَهَوْا) قيل انتهوا عن كفرهم بالتوبة والإسلام. ويحتمل أن يكون المراد فإن انتهوا عن قتالكم فاغفروا لهم نحو قوله تعالى في سورة الأنفال (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٩١ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) في التبيان الفتنة الشرك وهو المروي عن أبي جعفر أقول ولعله باعتبار انه يسبب الافتتان إذ يسبب الضلال ويصرف عن الحق كقوله تعالى في سورة المائدة (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ)(وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) أي على الحقيقة المعقولة منه ليس فيه كفر ولا شرك ولا عبادات او ثانية ولا شرائع أهواء جاهلية فإن الدين في هذا المقام وأمثاله عبارة عن روابط الإنسان مع مقام الإلهية من حيث الاعتقاد بما يرجع للإله ورسله وكتبه وعبادته والطاعة والشريعة (فَإِنِ انْتَهَوْا) في التبيان ومجمع البيان أي امتنعوا عن الكفر وأذعنوا للإسلام ويحتمل الانتهاء عن قتال المسلمين (فَلا عُدْوانَ) عن حد السلم (إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) المعتدين. وفي التبيان والبيان ان هذه الآية مؤكدة لمضمون الآية الأولى لا ناسخة لقيودها في القتال. وهذا هو الظاهر من سياق الآيات مع قوله تعالى ١٩٢ (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) فمن قاتل المسلمين في شهر حرام قاتله المسلمون في شهر حرام كما ان من قاتلهم عند المسجد الحرام قاتلوه فيه (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) فإذا كان المشركون في