ومصلحة تشريعه يأبى هذه الأمور. وتقدير الكلام فمن فرض فيهن الحج فلا يأت في حجه برفث ولا فسوق ولا جدال لأنه لا رفث ولا فسوق إلى آخره فحذف جواب الشرط لدلالة هذه الجملة المذكورة عليه دلالة يكون ذكره معها من فصول الكلام. وجيء بالجملة الخبرية. وصرح باسم الحج في قوله جل شأنه (فِي الْحَجِّ) لإيضاح ان الحج بذاته ينافر هذه الأمور. وليعرف ان عدمها ليس تكليفا محضا يختص بمن فرض الحج بل هو غرض يريد الشارع تحصيله من المكلفين حتى في مورد لا يكون فيه من غير هذه الجهة منكر يجب النهي عنه واثم تحرم المساعدة عليه كما لو اكره المحل بحق الزوجية زوجته على وطئها في حجها الواجب أو المستحب بإذنه أو المولى أمته في حجها باذنه. او طاوعت المحلة زوجها غير البالغ على وطئها في حجه وما أشبه ذلك. فإنه بمفاد الآية والغرض يراد من كل مكلف عدم حصوله كمنعه ان كان لمنعه أثر وعلى ذلك جاءت صحيحة إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) في ان المولى المحل إذا كان عالما بأنه لا ينبغي له ان يطأ أمته في حجها باذنه كان عليه الكفارة كما افتى الأصحاب على إطلاقها سؤالا وجوابا بل الظاهر انه لا يخفى عليه ان وطأها مع رضاها لا ينبغي له لأنه اعانة على الإثم. ولو قيل ولا جدال فيه لاحتمل عود الضمير إلى ذلك الحج المفروض من حيث انه فرضه على نفسه وما يرجع إلى تكليفه الخاص به لا من حيث منافرة ذات الحج لهذه الأمور وإن كان بعضها حلالا في غيره كجماع الزوجين وقول لا والله وبلى والله في مقام الصدق. هذا وفي التبيان وغيره الرفث عند أصحابنا كناية عن الجماع قلت وهو احدى روايات الجمهور عن ابن عباس عن رسول الله ورووه ايضا عن ابن عباس وابن عمرو ابن الزبير موقوفا. والحجة لأصحابنا فيه إجماعهم وما في الكافي عن الصادق (ع) الرفث الجماع. والفسوق الكذب والسباب. والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله ونحوه ما روى في الفقيه عن الصادق (ع) إلا انه لم يذكر السباب. ونحوه ايضا ما روي في التهذيب عن الكاظم (ع) الا انه ذكر المفاخرة بدل السباب. ولعل ذكر السباب والمفاخرة كان رعاية لبعض الوجوه باعتبار الغالب من اشتمالها على الكذب ويشهد لذلك خلوّ رواية الفقيه منهما وخلوّ رواية الكافي من المفاخرة وخلوّ رواية التهذيب من السباب وكلها في مقام البيان. وايضا ان الجماع هو المتيقن من الرفث في التفسير مع شهادة قوله تعالى فيما سبق (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) ولئن ذكر له في كتب اللغة معان أخر فهي على سبيل الاحتمال. والأصل فيه البراءة (وَما تَفْعَلُوا