وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢٠٩) سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١٠) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
____________________________________
يقال لمن جاءه جيش الملك بسطوة سلطانه جاءك الملك. وظلل جمع ظلة وهو ما اظلك. والغمام معروف. وظلل الغمام يحتمل ان تكون مجازا في الشدائد التي تدهمهم وظلمات الأهوال كما يظلم الجو بالغمام (وَالْمَلائِكَةُ) فاعل بالعطف ليأتي واسناد الآيتان إليهم لا مانع من حقيقته. وفي روايات الدر المنثور في الآية ما يعسر تأويله ويستحيل مؤداه لأنه تجسيم وفيه نسبة التحين في المكان إلى الله جل شأنه (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) فإنه لا راد لقضاء الله (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) وهو وليها يرجعها اليه سلطان إلهيته القاهر ووجوبه وإمكان ما سواه وحاجته في جميع أحواله اليه جل سلطانه ٢٠٩ (سَلْ) يا رسول (بَنِي إِسْرائِيلَ) على وجه التقرير والتوبيخ على تمردهم وكفران النعم (كَمْ آتَيْناهُمْ) أي أظهرنا لهم (مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) واضحة تهديهم إلى الحق وتوضح لهم سبل الرشاد في التوحيد ووحي التوراة من الله ونبوة رسول الله ووحي قرآنه وحظوا من تلك الآيات وبينات دلائلها وإرشادها بالنعمة العظمى ولكن بدلوها وكم قابلوها بالارتداد والجحود والعباد وكفران النعمة (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) كمجيء تلك الآيات البينات فبشره بالعقاب الشديد (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ٢١٠ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا) زينها الشيطان وأهواء النفس الأمارة كما في قوله في سورة الأنفال والنحل والنمل والعنكبوت. وقيل ان الله زينها لهم بأن خلق فيها الأشياء المرغوبة المعجبة. وليس بشيء لأن خلق هذه الأشياء إنما هو للناس عامة لا لخصوص الذين كفروا. وفي الكشاف يجوز ان يكون الله زينها لهم بأن خذلهم حتى استحسنوها أو لأنه أمهلهم قلت وعلى ذلك جاء قوله تعالى في سورة الانعام (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) وفي سورة النمل (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) ولكن هذا مجاز لا يصار اليه إلا بحسب اقتضاء الدليل (وَيَسْخَرُونَ) أي الذين كفروا (مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) اما لأجل فقرهم او لأجل ايمانهم بالآخرة ورجائها أو لأجل اقدامهم على تحمل الشدائد بسبب الإيمان (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ) فوق الكافرين الساخرين (يَوْمَ الْقِيامَةِ) في نعيم الجنان ورفعة