حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٣) يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا
____________________________________
للأعمال الصالحة بدون إخلاص ثابت وصبر وثبات على نصر الدين وشدائده وبدون تمحيص للصادق من الكاذب (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الحجرات ١٧ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) آل عمران ١٣٦ أي ولما يجاهد المجاهدون منكم ويصبر الصابرون فيكون الله قد علم بعلمه التابع في الأزل انهم سيجاهدون ويصبرون باختيارهم رغبة فيما عند الله ونصرا لدين الحق (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) من أنصار الحق من الأمم والمثل بمعنى مثل بكسر الميم اي تمتحنون وتبتلون وتصبرون كما امتحنوا وصبروا. والذي أتاهم وصبروا عليه هو ان (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ) من البؤس ضد النعماء (وَالضَّرَّاءُ) من الضر ضد السراء أصابهم ذلك ومسهم بألمه لا مجرد عروض ذلك (وَزُلْزِلُوا) بهيجان الابتلاء والمحن واضطراب الأحوال ولكن الصابرين منهم ثبتوا على شدّتهم في أمر الدين ولم يهنوا بل دام بهم ذلك الحال وهم على صبرهم وثباتهم (حَتَّى) يفزع الرسول والمؤمنون إلى نصر الله ويستنزلون نصره ورحمته و (يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) دعاء واستنصارا لرغبتهم في ظهور دين الحق. فكونوا مثلهم واصبروا واثبتوا أيها المسلمون ولكم البشرى بالنصر (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ٢١٣ (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ) في جوابهم ما يعرفهم ما ينفقونه وهو ما كان خيرا نافعا يراد به الإحسان ووجه الله. وما يبين مواضعه لئلا يكون إنفاقهم تضييعا للأموال ومستلزما للمفاسد (ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ) الناحيتين من الوالدين الأب والجد والأم والجدة (وَالْأَقْرَبِينَ) للمنفق وقدموا على مطلق الأقارب ممن في اعطائهم صلة الرحم بيانا لأهميتهم وتقديمهم عند مساواتهم للغير في سائر المزيات ودوران الأمر (وَالْيَتامى) اليتيم هو الصغير الذي لا أب له (وَالْمَساكِينِ) الفقراء (وَابْنِ السَّبِيلِ) وهو المحتاج في سفره وان كان له مال لا يصل اليه (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) وان أسررتم به فإنه لا تخفى عليه خافية ولا يضيع