مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا
____________________________________
لبقاء النوع وحسن الإلفة بين الزوجين أو يكون مباحا بالمعنى الأخص فهو إذا تطهرن من الأقذار بأن غسلن فروجهن من آثار الدم ولو بغسل الحيض وعلق هذا على تطهرهن جريا على الغالب والا فالغرض يحصل وان سقطن في الماء مثلا بدون اختيارهن (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) في الآية بالاعتزال عنه وعليه رواية الدر المنثور عن ابن عباس وهو المناسب لتعريف ما يؤتى منه. ولا يضر في ذلك التعبير بلفظ من كما حكاه في التبيان عن الفراء. وحكى في التبيان التفسير بقولهم من حيث ما أمر الله به من النكاح دون الفجور كما عن أبي حنيفة. او من حيث أباحه الله دون إتيان الزوجة الصائمة او المحرمة مثلا كما عن الزجاج. والقولان بعيدان من وجوه. ولقد اغرب من قال ان الأمر في أمركم الله هو الأمر التكويني. هذا وان إباحة الإتيان من الفرج بعد الأمر باعتزاله لا تدل على انحصار الإباحة بالوطء فيه بوجه من الوجوه (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) في الفقيه والعلل والخصال والكافي وتفسير العياشي في رواياتهم ذكر المتطهرين من الغائط بالماء وان الآية نزلت في ذلك ولعله باعتبار بعض المصاديق ٢٢١ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الحرث في الأصل الكراب مصدر حرث الأرض اي كربها ثم استعمل في الأرض التي تحرث كما في هذه الآية ثم استعمل في نبات الأرض المسبب عن الحرث كما في قوله تعالى (يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ). وفي الآية شبه تمتع الرجل بزوجته بحرث الأرض والزوجة بالأرض التي تحرث فسميت حرثا اي محل تمتع لكم كما ان الأرض محل حفر وحرث وليس المراد ان إتيان المرأة لا يحل الا حيث يكون إتيانها زرعا للنسل حتى لو قلنا ان معنى انى شئتم هو اي وقت شئتم. او في القبل سواء كان من أمام او من خلف فإن الآية على هذين التقديرين ساكتة عن تحريم ما عداها حتى لو قلنا ان الأمر في قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) للوجوب (١) كيف ولا خلاف بين المسلمين في جواز إتيان اليائسة ومعلومة العقم وإتيان المرأة مطلقا في أعكانها
__________________
(١) في الدر المنثور اخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم ان الشافعي ناظر محمد بن الحسن في ذلك اي في حرمة إتيان الزوجة في دبرها فاحتج عليه ابن الحسن بان الحرث إنما يكون في الفرج فقال له فيكون ما سوى الفرج محرما فالتزمه فقال أرأيت لو وطأها بين ساقيها او في أعكانها أفي ذلك حرث قال لا قال أفيحرم قال لا قال فكيف تحتج بما لا تقول به