وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣) وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
____________________________________
على الصحابي او التابعي هو الصحيح وقال الحافظ بن حجر في المرفوع منكر لا يصح من وجه كما صرح بذلك البخاري والبزار والنسائي انتهى. أقول وذهب أصحابنا الى جوازه على كراهية شديدة وهي المحصل من أحاديثنا ووجه الجمع بينها وبذلك يستنكر ان يكون نزول الآية في إباحته نعم لا بأس في نزولها للعموم (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) اى هذه احكام ما يعود الى دنياكم وقدموا لآخرتكم من الخيرات والأعمال الصالحة ما ينفعكم فيها (وَاتَّقُوا اللهَ) فان خير الزاد التقوى (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) اي وليكن عملكم عمل العالم المتيقن بأنه يموت ويحشر ويلاقي ربه يوم الحساب والجزاء لا عمل الغافل مع إقراره بالمعاد في إسلامه (وَبَشِّرِ) يا رسول الله (الْمُؤْمِنِينَ) حق الايمان والثابتين عليه بحيث استحقوا الوصف بذلك ٢٢٢ (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) العرضة ما تكثر ملاقاته ومصادفته كما يقال الإنسان عرضة للبلاء فلا تكثروا أيمانكم بالله بحسب كل ما يسنح لكم وتميلون له في الرضا والغضب فتقولون في ذلك والله لا اعطي فلانا. والله لا أنفق على الفقراء والله لا أكلم اخي. والله لا ازور امي والله لا أصلح بين الناس. وفي رواية العياشي عن منصور بن حازم عن الصادق (ع) وعن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في الآية يعني الرجل يحلف ان لا يكلم أخاه وما أشبه ذلك او لا يكلم امه (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) اي لأن تبروا وتتقوا وتصلحوا تعليلا وبيانا لبعض ما يكون وجها وغاية للنهي في لا تجعلوا وان كان هناك وجه آخر لتعظيم الله وإجلاله ففي الكافي في صحيح الخزاز عن الصادق (ع) لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فان الله عزوجل يقول ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم. وربما كان هذا الوجه يدخل في البر والتقوى. فيكون النهي عن الحلف المعارض للبر والتقوى والإصلاح كناية عن عدم انعقاده في هذه الموارد ففي الكافي عن اسحق بن عمار عن الصادق (ع) في الآية قال إذا دعيت لتصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين ان لا افعل. ويشبه ذلك ما أورد روايته في الدر المنثور عن ابن عباس. وقيل المعنى لا تجعلوا الله بواسطة الحلف به مانعا وحاجزا عما حلفتم على تركه بتسمية المحلوف على تركه يمينا. وهذا مرجع ما ذكره في التبيان أولا وصريح ما اقتصر عليه في الكشاف والأول أظهر وانسب بالمروي واجمع (وَاللهُ سَمِيعٌ) لأيمانكم (عَلِيمٌ)