(٢٤٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
____________________________________
ان تعقلوا إذا أقبلتم باختياركم على التدبر لهذه الآيات والعمل بها (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) أي ألم تعلم بأمرهم ونزل علمه (ص) بما فيه من الإيمان واليقين بمنزلة الرؤية بالبصر (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) أي خرجوا حذرا من الموت وفرارا (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا) وإنما أمره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون فعبر عن ارادته التكوينية بالأمر بالموت وبالكون اشارة إلى ان قدرته لا تحتاج إلى عمل وممارسة مقدمات (ثُمَّ أَحْياهُمْ) بعد موتهم. روى في روضة الكافي عن الباقر والصادق عليهماالسلام قصة هؤلاء وهربهم من الطاعون وموتهم وبقاءهم بلا دفن حتى صاروا عظاما فجمعها المارة ونحوها عن الطريق فمر عليها حزقيل النبي من بني إسرائيل فدعا الله في احيائهم فأحياهم. وعن العياشي وسعد بن عبد الله عن حمران عن باقر عليهالسلام مختصر في هذه القصة. وروى في ذلك في الدر المنثور عدة روايات عن ابن عباس وبعض التابعين (١) (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) يعرفهم قدرته ويبصرهم بمواعظه ويحوطهم بألطافه ويجللهم برحمته (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ٢٤٣ وَقاتِلُوا) ايها الناس (فِي سَبِيلِ اللهِ) ولا تخافوا من الموت فإن الأمور بيد الله ولكم الموعظة بفرار هؤلاء من الموت وموتهم واحيائهم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لدعائكم واستنصاركم وما تقولونه في امر الجهاد والدعوة إلى الله ودين الحق (عَلِيمٌ) بنياتكم في جهادكم ٢٤٤ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً
__________________
(١) ولهذه القصة شؤون. فقد ذكر نظيرها في العهد القديم في كتاب حزقيال من العدد الاول إلى الحادي عشر من الفصل السابع والثلاثين. فجاءت جمعية المرسلين الامريكان في الجزء الثاني من كتابهم الذي سموه «الهداية» واعترضوا على القرآن المجيد وأنكروا مضمونها والاحياء وجعلوا ما ذكر في كتاب حزقيال رؤيا منامية غايتها البشرى بانتعاش بني إسرائيل بعد السبي ورجوعهم إلى قوميتهم وحالتهم السياسية.
دع جمعية الأمير كان وهلم الخطب في بعض مفسري المسلمين المعاصرين من المصريين إذ كتبوا وطبعوا انكار الأمر الذي ذكره القرآن الكريم بالمحاورة الصريحة الدائرة بين العقلاء في بيان الحقائق وفسروا الآية بأن موت أولئك القوم هو ان العدو نكل بهم فأفنى قوتهم وأزال استقلال أمتهم حتى صارت لا تعد أمة. ومعنى حياتهم هو عود الاستقلال إليهم. إلى آخره. ويا ليت النزعة العصرية واللهجة السياسية لم يمدا أيديهما إلى القرآن الكريم.