وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ
____________________________________
ولكن أخر ذكر القتل ليجري ما ذكر لداود من الفضائل على نسق واحد فإن ذلك ابلغ في تمجيده واظهر بيانا لعظمة النعمة عليه (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) المهيب (وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) كفصل القضاء والنبوة والزبور وعمل السابغات (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) عن الطغيان والإفساد العام (بَعْضَهُمْ) بدل من الناس (بِبَعْضٍ) آخر (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) فإن الله جلت حكمته خلق الناس مختارين في أفعالهم ومن الغايات ان يتمتعوا في الأرض ويحصل منهم النسل ويلد الكافر المؤمن والفاجر الصالح وقد علم الله انه يكون في الناس أمثال يزيد ومسلم بن عقبة والحجاج وإذا خلّى السبيل لامثال هؤلاء ملأوا الأرض فسادا وأفسدوها وان إهلاك المفسد والانتقام منه في الدنيا لا يرتدع به من يريد الفساد العام بل يعدون كل ذلك من سنن الكون ومقتضيات الأسباب العادية كالموت الذي لم يردع الناس عن غيهم وان قاربوه بالشيخوخة والمرض فكان من الرادع لهم امر الله للمؤمنين بدفاع المفسدين ووجود المنازعين من الناس للمفسدين في أغراضهم فكان ذلك وما وقع من مغلوبية المفسدين ومقهوريتهم عند النزاع دافعا من الله لشمول الفساد وكان حذر المفسدين من صولة القوة وثورة النزاع وفوز الخصوم رادعا نوعيا في الغالب يوقف الفساد عن طغيانه العام (وَلكِنَّ اللهَ) تفضل على العالمين بأن منع عموم الفساد في الأرض بدفع الناس بعضهم ببعض مع بقاء الحكم على مواقعها فالله جلت آلاؤه (ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ٢٥١ تِلْكَ) اي قصص الأمور المذكورة (آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ) يا رسول الله (بِالْحَقِ) وعلى حقيقتها بالوحي الإلهي (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) من الله الى الناس لتخرجهم من الظلمات الى النور ٢٥٢ (تِلْكَ الرُّسُلُ) انثت الاشارة باعتبار الجماعة (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) إياه وفضله بتكليمه له كموسى ورسول الله فقد ورد مستفيضا عن الصادق (ع) ان التغير الذي يعتريه (ص) عند الوحي انما هو عند تكليم الله له بدون توسط جبرائيل كما روى