خالِدُونَ (٢٥٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
____________________________________
فِيها خالِدُونَ ٢٥٨ أَلَمْ تَرَ) المراد الم تعلم كما ذكرنا قريبا (إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) المحاجة تشمل الجدل وإن كان داحضا. والظاهر ان المحاج هو النمرود الملك. وفي مجمع البيان ان هذه المحاجة. كانت قبل إلقاء ابراهيم في النار عن الصادق قلت ولم أجد روايتها. وفي تفسير القمي لا بعنوان الرواية والدر المنثور عن السدي انها بعد ذلك. وقد جرّأه على محاجة ابراهيم بالباطل طغيانه وعتوه وبطره (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) اي لأن الله أتاه الملك في الدنيا واملى له فحاجّ ابراهيم (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ) والهي هو (الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ) نمرود (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) قيل انه صرف الكلام عن وجهه حيث قال له إبراهيم كيف تحيي وتميت قال اعمد الى رجلين قد وجب عليهما القتل فأخلي عن واحد واقتل الآخر فأكون قد أحييت وأمت قال القمي في تفسيره لا بعنوان الرواية وأورد نحوه في الدر المنثور رواية عن ابن عباس أقول مقتضى الآية ومحاجة نمرود لإبراهيم في ربه هو انه لم يدع كونه شريكا لله ليقول انا ايضا احيي وأميت مثل الله ويغالط في ذلك بان يقتل احد الشخصين ويستحيي الآخر بل انه ينكر رب ابراهيم ويدعي الإلهية لنفسه فيكون قوله أنا احيي وأميت مصادرة جزافية يريد بها الاحياء والموت اللذين قالهما ابراهيم فأراد ابراهيم ان يسد باب المصادرات بالدعاوي السخيفة الباطلة ولذا (قالَ إِبْراهِيمُ) ان كنت قادرا على الاحياء والإماتة كما تزعم (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ) والقادر على الاحياء والإماتة قادر على التصرف بالشمس (فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي نمرود الكافر بالله أو نوع الذي كفر من الحاضرين نمرود واذنابه وبهت بالبناء للمفعول فهو مبهوت (وَاللهُ لا يَهْدِي) اي لا يوفق ولا يوصل بلطفه (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) بل يتركهم وأهواءهم. ومن المعلوم ان القرآن الكريم لا تتعلق أغراضه الكريمة في نهجه المجيد بالقصص من حيث تاريخيتها وإنما يذكرها للموعظة وضرب المثل وغير ذلك من الأغراض الحميدة فكأنه قيل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) إلى آخر الآية فإن من