لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
____________________________________
لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) وقد أظهرت المشيئة الإلهية لك شيئا من خارق العادة ودلائل القدرة على احياء الموتى وان تفرقت أوصالهم (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) لم يتأثر بالسنين المتطاولة فإن مقتضى العادة ان تتابع عليه تغييرات السنين الى ان تلاشيه في أثناء المائة عام فبهذه القدرة يحيي الله الموتى (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) تكرار الأمر بالنظر يشير إلى انتقال الكلام الى وجهة اخرى تدل على طول لبثه في الموت وهي ان حماره قد أفنته السنين وبادت اجزاؤه وتفرقت عظامه كما صرحت به الروايات المشار إليها (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) اي امتناك وبعثناك بعد البلا لترى بالعيان كيف يحيي الله الموتى ولنجعلنك آية وموعظة للناس في احياء الموتى وقدرة الله. وهذا ظاهر من وجود واو العطف وسياق الكلام (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها) بالزاي المعجمة وضم النون الاولى اي نجعلها بعد تفرقها بالبلا يرتفع وينشز بعضها الى بعض بالتركيب. وقد نصت الروايتان المشار إليهما على عظامه وعظام حماره. واما عظام اهل القرية فلم يعرف احياؤها (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ما ذكر (قالَ أَعْلَمُ) يعرف من انه لم يقل الآن علمت انه عالم بذلك وانه يعلم بالعلم المستمر وبهذه المشاهدات تأكد علمه (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٣٦٣ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) جرت في ذلك شؤون ويدل على تلك الشؤون ويفسرها ما في الآية وهو (قالَ) الله له بالاستفهام التقريري (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) بقدرتي على احياء الموتى واني أحييها و (قالَ) ابراهيم (بَلى) اني مؤمن بذلك (وَلكِنْ) للعيان اثر كبير في الاطمئنان ورسوخ العلم في القلب فطلبت الرؤية (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ويزداد يقيني بسبب المشاهدة بما آمنت به كما في رواية الكافي في أول باب الشك من أصوله والصحيحة عن المحاسن (قالَ) الله له وإذا كنت تطلب الرؤية (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بضم الصاد وسكون الراء بمعنى املهن واجمعهن إليك. وقيل معناه فقطعهن ولكن لا معنى لتعليق إليك به واما