(٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ
____________________________________
العياشي. وفي الكافي عنه (ع) القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به. ونحوه عن تفسير العياشي ٣ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) وجحدوا كونها منزلة من الله وماتوا على كفرهم (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) بما كفروا (وَاللهُ عَزِيزٌ) في جلال شأنه (ذُو انْتِقامٍ) بعزته وقدرته من الكافرين ٤ (إِنَّ اللهَ) عليم بكل شيء (لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ) الرحم هو العضو الذي يتكون فيه الجنين من الأمّ الى حين الولادة (كَيْفَ يَشاءُ) بحكمته الباهرة ومن آيات ذلك ان أعضاء الإنسان الظاهرة مع انها معدودة يصورها بقدرته وحكمته بحيث يمتاز كل من البشر عن الآخر. واما حكمة هذا التصوير وما في كل واحد من الأعضاء الظاهرة والباطنة من الحكم الباهرة والفوائد الكبيرة والأسرار العجيبة فهو أعظم من ان يوصف. واما الذي وصلت اليه معرفة البشر فهو مما لا يسع هذا المقام بعضه. وفي التشريح الجديد ما يبهر العقول ببواهر حكمه وعجائبه. وان الذي يظهر من أعضاء الإنسان وآلات حسه ليكفي في بيان الحكم العجيبة لكل ذي رشد وادراك. وكل ذلك جار في حكمه وخلقه وتصويره على قوانين منتظمة. وفي هذا كفاية في الحجة على ان ذلك من صنع إله عليم يخلق بإرادته وحكمته (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ) بقدرته وسلطانه (الْحَكِيمُ) في خلقه واعماله (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) و (لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) ٥ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) على ما اقتضته الحكمة الإلهية من كونه على احسن نهج في المحاورات. وابرع أسلوب في كلام العرب فيما يتسابقون به فخرا في ميدان البلاغة ويتساجلون به في مقام التفنن بمحاسن الكلام ومزاياه الفائقة. ليكون بإعجازه ذلك حجة بينة عليهم في انه تنزيل من رب العالمين. كما أشرنا الى شيء من وجه ذلك في الفصل الاول من المقدمة. وعلى ذلك فلا بد من ان يشتمل أسلوبه الكريم على انواع الدلالات. وملح الكنايات ولطائف الإشارات والنكت في انواع المجاز كما هو الشأن في الكلام البليغ. وقد تقتضي الحكمة