وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا
____________________________________
وما لخذلانه من الوبال المهلك كما ذكرنا فيما قبل الأخير من شواهد المقام الثاني من المقدمة في نسبة الإضلال وأوضحنا امره في تفسير الآية السادسة من سورة البقرة (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) باللطف والتوفيق (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٧ رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) وهو يوم القيامة والحشر من القبور للجزاء. كيف يكون فيه ريب وأنت أخبرت به في كتابك الكريم بالصراحة المتكررة المؤكدة والحجة القاطعة (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) وعدل من الضمير الى الظاهر لأنّ لفظ الجلالة فيه اشارة الى الإلهية وكمالها وقدسها فكأنه احتجاج على عدم الخلف للميعاد بمعنى أن الإله يجلّ عن ذلك فلنا اليقين والثقة التامة بما وعد من المعاد والجزاء. ٨ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وماتوا على كفرهم (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ) عذاب (اللهِ) كما في التبيان ، ومجمع البيان في تفسير الآية الثانية عشرة بعد المائة وفي الجلالين في تفسير الآيتين او بلائه او انتقامه او غضبه او مطلق ما يخاف منه فتكون «من» للابتداء كقولك أغنيت عنك في الحرب أهوالها من الميمنة (شَيْئاً) من الغناء فيكون في مقام المفعول المطلق لتغني ويحتمل أن يكون مفعولا به لتغني اي لن تغني شيئا من عذاب الله ولن تجزيه فتكون «من» للتبعيض : ذكرت الأموال والأولاد لأنها من أهم ما يعتمد عليه الإنسان الجاهل لما يخافه من النوائب وهي التي يبيع لها آخرته ودينه. والغنى بالقصر وبالمد ككلام عدم الحاجة واغنى فلان قام بالحاجة وكفى عن غيره واليه يرجع قول التبيان. الاختصاص بما ينفي الحاجة. وكثر استعماله فيما كان الكافي او المكفي مما لا يعقل كاستعماله في دفع ما لا يراد والتخليص منه كقوله :
إذا قال قدني قال بالله حلفة |
|
لتغني عني ذا إنائك اجمعا |
اي ما في إنائك وقول عثمان للرسول بصحيفة امير المؤمنين علي (ع) اغنها عني. ولأجل ما ذكرناه صار اللغويون يجولون حول هذا المعنى ففسروا الإغناء بالنفع او كفاية المؤنة ، او الاجزاء ، او الصرف ، او الكف. وكثيرا ما يترك المفعول للإغناء والمتعلقات به لعدم الحاجة الى ذلك في مهم المقام كقول طرفة في معلقته