ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
____________________________________
الآخرة الدائم فيدفعهم الشوق اليه الى الأعمال الصالحة فلا يستولي على الناس او يغالطهم العجز بالتصوف البارد ، وقد تكاثرت الأحاديث في ان الزهد في الدنيا هو الورع عن محارم الله وقد صرح امير المؤمنين علي (ع) بانه يتعاطى التقشف في معيشته لأنه رئيس المسلمين والمنظور اليه في الاقتداء فيتسلى بحاله (ع) من الحّ الفقر عليه ومسته البأساء. وفي سورة الأعراف ٢٩ (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ٣٠ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) يتنعمون بها بحسب ايمانهم الصادق على الحدود المشروعة والجارية على المصالح والصلاح (خالِصَةً) من تبعات العقاب والنكال (يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وما هذا التزيين الا للحكمة التي خلق الله بها للإنسان شهوة وقوى يتنعم بها في الحياة الدنيا بما أحله الله وجعل في الحلال كفاية في الحاجة وبلغة في التنعم وحدد حدوده بنهي العقل والشريعة عن الفحشاء والمنكر والبغي وما فيه المفسدة للشخص والنوع ونظامه ووعظ في ذلك وانذر وتوعد وحذر وأرسل في ذلك الرسل وانزل الكتب وشرع الشرايع واستحفظ على إقامتها الأئمة ، واستخدم لها علماء الامة. نعم ان الذي يزينه الشيطان ليس هو القسم الذي يبقى به نوع الإنسان ، وشرف العمران ، ويقوم به نظام الاجتماع. بل هو خصوص المحرمات وما فيه فساد النظام (ذلِكَ) اي ما ذكر من المشتهيات (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) الفانية (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) والمرجع وهو المآب الذي لا فناء فيه ولا عناء ولا تكدير في نعيمه فهو الحسن المطلق ١٣ (قُلْ) يا رسول الله للناس (أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) مما هو (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الله ورغبوا في رضاه وطلبوا ما عنده وما أعد لهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) هي (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) اي مساقي أشجارها لا بنحو تكون به كلها من قسم المستنقعات ولا يخفى ما في وصف القرآن من البهجة الفائقة الممتازة (خالِدِينَ فِيها) اي في الجنات لا فناء لهم ولا لنعيمها كما يفنى متاع الحياة الدنيا وأهلها ولا إخراج لهم منها (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) بما يرغب العقلاء فيه من طهارة الأزواج في الخلق والأخلاق