يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ
____________________________________
بأن الله يرسل نبيا من إخوتهم أي من ولد إسماعيل لا منهم ويجعل كلامه في فمه كما في الفقرة الخامسة عشرة الى العشرين من الفصل الثامن عشر من سفر التثنية. وبقي فيها حكم القصاص في النفس والعين والسن والجروح كما في العدد الحادي والعشرين من الفصل التاسع عشر منه. وبقي في الإنجيل شيء من الدعوة الى الاعتراف بأن الله هو الإله الحقيقي وحده وان عيسى رسوله كما في العدد الثالث من الفصل السابع عشر من إنجيل يوحنا. وبقيت البشرى برسول الله احمد «بيركلوطوس» وان حرّفوه الى «بيراكليطوس» وعبروا عنه «فارقليط» و «المعزي» كما في الفصل السادس عشر والسابع عشر من إنجيل يوحنا. وحال هؤلاء انهم (يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ) وهو القرآن الذي قامت عليهم الحجة بأنه كتاب الله بدلائل اعجازه وبشرى كتبهم (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) وهم الأكثر (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) عن القرآن ودلائل حجته. ومنهم من وفق للإسلام والخضوع لأحكام الله في قرآنه المجيد. ومقتضى روايتي الدر المنثور ومجمع البيان عن ابن عباس هو ان المراد من كتاب الله الذي يدعون اليه هو التوراة. وكفى بذلك موهنا للروايتين فإن التوراة كانت حينئذ محرفة بأشد التحريف كما تراها الآن فكيف يسميها القرآن «كتاب الله» روي في الدر المنثور عن ابن عباس ان رسول الله «ص» دعا اليهود الى حكم التوراة بأن ابراهيم لم يكن يهوديا ، ويوهن هذه الرواية بعد غض النظر عن سندها ان التوراة ليس فيها ان ابراهيم لم يكن يهوديا وغاية ما فيها ذكر التاريخ المضطرب ومنه ان الله أوحى اليه أن نسله أي بني إسرائيل يستعبدون ويذلون في ارض غريبة أي ارض مصر اربعمائة سنة (١) وقالت التوراة ايضا في الفصل الثاني عشر من سفر الخروج ان المدة كانت اربعمائة وثلاثين سنة هذا مع ان النسخة السامرية والنسخة السبعينية قد زادتا في الاضطراب وجعلتا المدة المذكورة مدة لإقامة بني إسرائيل وآبائهم في ارض مصر وكنعان وقد تكلمنا على هذا الاضطراب في الجزء الثاني من كتاب الهدى (٢) فهل يدعوهم رسول الله الى لا شيء في مثل هذا الكتاب المضطرب. وفي مجمع البيان عن ابن عباس دعاهم رسول الله
__________________
(١) كما في الفصل الخامس عشر من سفر التكوين عدد ١٣ ـ ١٥
(٢) صفحة ٢٤ ـ ٢٩