(٣١) إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ
____________________________________
٣١ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) الطاء في اصطفى بدل من تاء الافتعال في مثل اختار اي اختاره صافيا من الخليط والاختلاط. فقد يكون الصفاء من حيث الاندماج والاختلاط بالغير والمساواة له فيصطفي بالرسالة كقوله تعالى في شأن موسى في سورة الأعراف ١٤١ (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) او للملك ونصرة الدين كما في سورة البقرة في شأن طالوت ٢٤٨ (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ) او على سائر الأمم الوثنية باعتبار الانتساب إلى التوحيد ونبذ الأوثان كما في سورة فاطر ٢٩ (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) او من الاختلاط بصنف آخر كما في سورة الصافات ١٥٣ (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) او من حيث التخليص عن الشركاء وتمييزه عن المشترك من جنسه كاصطفاء الرسول من الغنائم ما يختار أو من حيث التخليص من الشرك وسفاهة الأهواء كما في سورة البقرة ١٢٦ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) او باعتبار التقدم في اختيار الإيمان والدعوة اليه كما في سورة البقرة في شأن ابراهيم ١٢٤ (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا) وكما في سورة ص في شأنه وشأن اسحق ويعقوب ٤٧ (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) فجهة الاصطفاء والصفاء تعرف من مقام الكلام وقرائنه ولأن الله لم يذكر بين آدم ونوح في هذه الآية «شيئا» هبة الله و «إدريس» الصديق النبي عرف ان هذا الاصطفاء فوق مقام الصلاح والنبوة بل هو في أمر الدعوة العامة ، والإمامة للناس وزعامتها الكبرى. ولم يذكر ابراهيم في هذه الآية لأنه ذكر جعله الناس إماما وأن الله اصطفاه في الدنيا أي لذلك كما في سورة البقرة ١١٨ و ١٢٤ وفي مجمع البيان في قوله تعالى (وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ) قيل أراد نفس ابراهيم ونفس عمران انتهى وفيه مع غرابته في اللفظ ومخالفته للمأثور ان عمران سواء كان أبا موسى او أبا مريم ام المسيح ليس ممن له هذا المقام الخاص من الاصطفاء على العالمين. وفي الدر المنثور اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال هم المؤمنون من آل ابراهيم وآل عمران وآل يس وآل محمد (ص) وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهمالسلام ان امير المؤمنين عليا (ع) أمر الحسن (ع) ان يخطب فخطب ونزل فقال (ع) (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ