(٤٢) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٣) إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
____________________________________
ينحصر المعنى بصلاة الجماعة ٤٢ (ذلِكَ) أي قصة امرأة عمران ومريم وزكريا وبشرى الملائكة لهما (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) ومن ذلك اختصامهم في كفالة مريم وإلقاء أقلامهم للقرعة على كفالتها (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ) للقرعة لأخذ النتيجة منها وهي انه (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) في ذلك حتى تراضوا على القرعة بالأقلام فلست تذكر للناس ما حضرته ورأيته. ولا هو مدوّن في الكتب المتداولة عند اهل الكتاب فضلا عن انك لا تقرأ كتابا ولم تمارس درسا ولا تعلما ولم يكن في قومك وبلادك شيء من العلم وفي هذا حجة على انه وحي من انباء الغيب من الله. وقد روى في الدر المنثور وغيره في إلقاء الأقلام وكيفيته روايات لا تنهض حجة ٤٣ (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) الظاهر ان «إذ» هنا بدل او عطف بيان لإذ المتقدمة في الآية الأربعين. فإن الظاهر هو ان قولي الملائكة في الآيتين كانا عند كبر مريم في زمان واحد او زمانين متقاربين يليق اعتبارهما حينا واحدا كالسنة ونحوها. واما إبدالها من إذ يختصمون فبعيد جدا لأن الاختصام كان بحسب الظاهر في صغر مريم والبشرى في كبرها عند حملها بالمسيح واعتبار الزمانين في مثل ذلك حينا واحدا بعيد (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) سمي عيسى بالكلمة لأنه تكون في رحم أمه من غير فحل بل بكلمة الله وهو قوله «كن» وذلك كناية عن إرادته التكوينية بدون اسباب ومعدات فالمسيح بمنشئه كلمة من عند الله. ولأنى المراد بالكلمة هو الذكر جيء بالضمير في «اسمه» مذكرا باعتبار المعنى. والمسيح لقب لعيسى وابن مريم نسبة له ولكن يصح في التوسع أن يقال اسمه المسيح عيسى بن مريم. ولعل تسميته بالمسيح مأخوذة من العادة الاسرائيلية في الزعيم الروحاني يمسحه للزعامة الروحانية من هو قبله من الزعماء فصار ذلك لقبا للزعيم الروحاني فكان المسح وسام الروحانية كالتتويج للملك. ونص على نسبته لأمه لبيان ان نسبته في الولادة منحصرة بأمه ردا على من يسميه ابن الله. ولعل من ذلك ما اتفقت عليه الأناجيل في حكايتها عن كلام المسيح انه يعبر عن نفسه بابن الإنسان ليكون