وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦) قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ
____________________________________
ذلك ردا على من يزعم انه ابن الله بحسب الولادة (وَجِيهاً) أي ذا جاه (فِي الدُّنْيا) مستجاب الدعوة مختارا للرسالة قدوة للمؤمنين متبوعا للصالحين مظهرا للمعجزات والكرامات (وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٤٤ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ) بالأمور الإلهية وما ينفعهم حال كونه (فِي الْمَهْدِ) وجملة يكلم حالية معطوفة على «وجيها» كجملة ومن المقربين ، ومن كلامه في المهد ما ذكر من أول الآية الحادية والثلاثين الى آخر الرابعة والثلاثين من سورة مريم المكية (وَ) يكلم الناس بالأمور الإلهية وتبليغ الرسالة حال كونه (كَهْلاً) وفي ذلك بشرى لمريم بأنه (ع) يبلغ زمان الكهولة واشارة الى انه لا يبقى بين الناس الى زمان الشيخوخة. والمعروف انه (ع) أرسل الى الناس وهو ابن ثلاثين ورفع الى السماء بعد ثلاث سنين (وَمِنَ الصَّالِحِينَ ٤٥ قالَتْ رَبِّ أَنَّى) ومن أين (يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَ) الحال اني (لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) لعلّ مرجع سؤالها الى ان ولادتها هل تكون على جاري العادة بالتزويج. ومن هو زوجها الذي تلد منه لأن الولادة على غير العادة أمر غريب عجيب (قالَ كَذلِكِ اللهُ) أي الله كذلك يرزقك على خلاف العادة المقدرة وإن لم يمسسك بشر فإنه (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) كيف شاء انه (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) قد مضى الكلام في هذا في الآية الحادية عشرة بعد المائة من سورة البقرة ٤٦ (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ) الواو عاطفة وجملة يعلمه للحال معطوفة في نسق الأحوال على وجيها. والمراد بالكتاب اما مصدر كتب أي الكتابة بيده واما كتاب غير التوراة والإنجيل او نوع الكتب وذكرت التوراة والإنجيل لأهميتهما من باب عطف الخاص على العام (وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ) وهي في الأصل اسم للكتاب الذي أنزل على موسى (ع) وهو في العبرانية اسم للشريعة. نعم جرى الاصطلاح أخيرا على ان كتب اليهود التي تسمى بالعهد القديم تسمى بالتوراة. والظاهر انه اصطلاح لا اعتداد به في هذا المقام (وَالْإِنْجِيلَ) وهو الكتاب الواحد الذي أنزل عليه (ع). ويقال ان معناه في اليونانية القديمة «التعليم» (وَ) حال كونه (رَسُولاً) من الله (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) باعتبار ابتدائه بهم في