(٤٧) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٤٨) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٤٩) رَبَّنا آمَنَّا
____________________________________
الهوى كما قال الله في سورة الأنعام ١١١ (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) ـ ١٢٤ (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) ٤٧ (وَمُصَدِّقاً) أي وجئتكم حال كوني مصدقا (لِما بَيْنَ يَدَيَ) أي لما تقدمني (مِنَ التَّوْراةِ) «من» بيانية (وَلِأُحِلَ) عطف على مصدقا (لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) في التوراة مما زال عنه مقتضى التحريم. ولعل منه ما في قوله تعالى في سورة النساء ١٥٨ (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ)(وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) كرر ذكر الآية تأكيدا في الحجة وتمهيدا لقوله (فَاتَّقُوا اللهَ) وتحذروا من غضبه وعقابه بما يقيكم من ذلك كطاعته والإيمان بآياته وشهادتها لرسله (وَأَطِيعُونِ) فإني أدعوكم الى الله والى سبيل سعادتكم في الدنيا الآخرة (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) وإلهنا جميعا وخالقنا ومدبر أمورنا واليه مرجعنا وإني وإياكم عباده لا إله إلا هو (فَاعْبُدُوهُ) واخضعوا له خضوع العبد لإلهه. ومن عبادته أن لا تشركوا به شيئا (هذا) أي تقوى الله وعبادته وطاعة الرسول في دعوته الى الله وتوحيده ودين الحق (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) لا يهتدي من ضل عنه ٤٨ (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) بآيات الله ورسالته (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) أي في الدعوة اليه بالإيمان به وبآياته وما أرسل به رسوله (قالَ الْحَوارِيُّونَ) في العيون مسندا عن الرضا (ع) انهم سموا حواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) في الدعوة الى دينه والجهاد في سبيل الحق (آمَنَّا بِاللهِ) ولا نكفر ككفرهم (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) داخلون في سلم الله لا نحاده ولا نخالف أوامره ونواهيه ولا نعانده فيما أمر به من الدعوة الى سبيله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم التفتوا الى التشرف بخطاب الله والاعتراف له بنعمة الإيمان والدعاء بدوام توفيقهم لذلك فقالوا ٤٩ (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) عيسى فيما جاء به من عندك (فَاكْتُبْنا) بتوفيقك وتثبيتك (مَعَ الشَّاهِدِينَ)