(٥١) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(٥٢) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ
____________________________________
وصلب هو الذي كان من أصحابه وأخذ من اليهود ثلاثين درهما فدلهم على المسيح ليقتلوه. ونحوه في التفسير الذي أبطلنا نسبته للإمام العسكري (ع). كما حكى نحو ذلك في إنجيل برنابا وانه يهوذا الاسخريوطي. والله العالم. ولعل السر في هذا التشبيه هو انه لو غيب عنهم المسيح ورفع إلى السماء في الخفاء لا تهموا اهله والمؤمنون به بإخفائه فعمهم البلاء وكثر فيهم القتل والتنكيل وفضيحة النساء طلبا لإظهاره. ولو رفع الى السماء ظاهرا بمرأى من الناس لاستحكمت شبهة ألوهيته وسرت حتى إلى بعض المؤمنين والله خير الماكرين فإن مكره وتدبيره الخفي لا يكون إلا جاريا على الحكمة لا يفوته اللطف بالعباد ٥١ (إِذْ) ظرف لمكر الله (قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أي آخذك من بين الناس ومن عالم الأرض وقد مضى الكلام على ذلك في الفصل الرابع من المقدّمة (وَرافِعُكَ إِلَيَ) قال جل شأنه (الي) وهو لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان تكريما للمسيح وتفخيما لغاية الرفع من الأرض التي فيها الكافرون والفساق الى السماء الممحضة لتسبيح الله وتقديسه فكنى عن ذلك برفعه إلى الله (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اي من رجس قربهم والابتلاء بمجاورتهم (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اما النصارى فليسوا ممن اتبع المسيح كيف وقد أشركوا بالله وألهوا المسيح ، وثلثوا الآلهة ولم يبقوا لهم شريعة وأن أناجيلهم وكتبهم لتقول ان المسيح لم يبطل شريعة التوراة بل هم من بعده أبطلوها. وأن الذين اتبعوه على دين الحق ملة ابراهيم انما هم المؤمنون الموحدون حق التوحيد من قومه ومن بعدهم المسلمون بدعوة رسول الله. وعبر بالماضي باعتبار المؤمنين من قومه فإن جنس الذين اتبعوه قد مضى له التحقق باعتبار بعضه فهم فوق الذين كفروا مستمرين على ذلك (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) بالحشر جميعا (فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من التوحيد والإيمان وشريعة الحق ٥٢ (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) كما ابتلوا بذلك البلاء العظيم من القتل العام والذلة الشاملة في