(٥٣) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٤) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٥) إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٥٧) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
____________________________________
حادثة طيطوس وبقوا بعد ذلك للقتل والجزية وذلة المحكومية ٥٣ (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ) الله وفيه التفات من التكلم في مقام الإرهاب بسطوته الى الغيبة في مقام ثقة المؤمنين بالجزاء (أُجُورَهُمْ) وذلك اشرف الغايات (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ٥٤ ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) بالوحي يا رسول الله (مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ) أي القرآن (الْحَكِيمِ). ولما ذكر الله ولادة المسيح من مريم من غير فحل على خلاف العادة. وقد أثار الضلال من ذلك شبهتين بين الناس إحداهما تهمة اليهود لمريم والثانية زعم النصارى انه ابن الله. فلذلك احتج على الفريقين بما يعرفونه ويعترفون به من خلقة آدم فما ذا يقول اليهود في آدم. وماذا يقول النصارى فيه فقال جل وعلا ٥٥ (إِنَّ مَثَلَ عِيسى) في تصرف القدرة الإلهية بولادته بما هو بشر على خلاف العادة (عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ) وصوره (مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ) بشرا حيا (فَيَكُونُ) لم يقل جل شأنه «فكان» لأن الماضي لا يدل على لزوم ترتب الكون على ان يقال «كن» بل هو يعم الترتب اتفاقا بل هذا هو الظاهر والقدر المتيقن منه فجيء بالمضارع ليدل على الملازمة وانه جلت قدرته إذا قال لشيء كن فإنه يكون لا محالة ٥٦ (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي الاخبار بأحوال المسيح هو الحق من ربك (فَلا تَكُنْ) ايها السامع (مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الشاكين. او يكون الخطاب لرسول الله (ص) على النحو الذي ذكرناه في الآية الثانية والأربعين بعد المائة من سورة البقرة ٥٧ (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) أي في عيسى زاعما انه إله وابن الله متشبثا بولادته من غير فحل. والمحاجة تبادل الاحتجاج. والحجة أعم من البرهان الصحيح والجدل الفاسد كما أشرنا اليه في سورة البقرة ١٤٤ (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) المعقول والمحسوس والموحى به من ان الله جل شأنه واحد لا يكون ثلاثة ولا شريك له في الإلهية ولا يلد. وان البشر الجسماني المتحيز المتغير الذي يجوع ويتألم ويبكي ويحزن ويحتاج لا يعقل ان يكون إلها. وان خلق الله للحيوان