أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧١) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٢) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ
____________________________________
وجملة «قل ان الهدى» ، معترضة في أثناء كلامهم في الإغواء جيئ بها للتعجيل في تقريعهم وتسفيه رأيهم في غوايتهم (أَنْ يُؤْتى) اي ولا تؤمنوا لغير من اتبع دينكم بان يؤتى (أَحَدٌ) من غيركم (مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) باعتبار انبيائكم وكتبكم من النبوة والرسالة والكتاب والشريعة ويكون على وفق ما طلبتموه من موسى فأخبركم بان يقيم نبيا من إخوتكم بني إسماعيل كموسى ويجعل كلامه في فيه (أَوْ) تؤمنوا لهم بأنهم (يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) بما أخبركم به في شأن رسول الله وقرآنه كلام الله وان لهم عليكم الحجة عند الله بما تعرفونه من الحق (١) او ان المعنى قل ان الهدى هدى الله بان يؤتي احد الى آخره فتكون جملة ان يؤتى متعلقة بما امر الله رسوله ان يقوله لهم وعلى هذا يكون قوله تعالى قل ان الفضل تكرر للأمر بالقول بدون توسط كلام اجنبي يقتضيه والأظهر هو الوجه الأول. وقد نقل في التبيان ومجمع البيان وجهان آخران لا اعتداد بهما (قُلْ) يا رسول الله في تسفيه رأيهم فيما قالوه وتواصوا (إِنَّ الْفَضْلَ) ومنه الرسالة والشريعة والتوفيق لاجابة الدعوة إليهما ونصرة الدعوة وإعلاء كلمتها وظهور الهدى وفلج الحجة وشوكة دين الحق وانتظام جامعته (بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ) في فضله ولطفه ورحمته وقدرته (عَلِيمٌ) بمن هو اهل للرسالة وإيتاء الفضل ٧١ (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) بالفضل والهدى (مَنْ يَشاءُ) اختصاصه بذلك من عباده لاهليته لذلك (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٧٢ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ) مر تفسير القنطار في الآية الثانية عشرة (يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) تمسكا بحكم العقل والفطرة بقبح الخيانة في الأمانة فإن قبولها عهد بحفظها وردّها وقد نهت شريعة الحق عن الخيانة فيها (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ) وهو مثقال شرعي من الذهب يساوي نحو نصف ليرة عثمانية (لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) في المطالبة والحجة والقوة (ذلِكَ) اي خيانتهم للأمانة (بِأَنَّهُمْ) في مزاعم ضلالهم (قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) في الإثم وحرمة أموالهم
__________________
(١) وقد مضى فى شأنهم مثل هذا المعنى في سورة البقرة ٧١