بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٢) بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٣) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
____________________________________
قيل ان المراد من الأميين نوع العرب باعتبار ان الغالب منهم لا يقرءون ولا يكتبون. ويحتمل ان يراد منهم من عدى بني إسرائيل فإنهم ينسبونهم الى الأمة والأمم. ويحتمل ان يريدوا اتباع رسول الله الامي. ولعلهم يغالطون لنفي السبيل بما في توراتهم من انها نهتهم عن الانتقام والحقد على أبناء شعبهم. وعن السعي والوشاية بين أبناء شعبهم. وعن شهادة الزور على قريبهم. فيزعمون من ذلك ان غير الاسرائيلي مهدور الحرمة في الأحكام الاجتماعية العقلية ومن ذلك أداء الأمانة (وَيَقُولُونَ) في نفي السبيل وخيانة الأمانة (عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) انه كذب منهم. فإنهم مع حكم العقل يقرءون مما بقي في شريعة الحق في توراتهم ان الأمانة يجب ردها مطلقا. وان جحد الأمانة والوديعة خطيئة وذنب. وانهم منهيون عن السرقة والكذب والغدر من دون حصر لهذه الأحكام بالإسرائيلي. كما في الفصل السادس والتاسع عشر من سفر اللاويين ٧٢ (بَلى) عليهم في الأميين سبيل وهم مسؤلون عن الأمانة والوفاء بعهدها. وما أحسن الوفاء بالعهد (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) في كتب اللغة أوفى بمعنى وفى. أقول والمستعمل في القرآن الكريم هو أوفى. وأوفى. وأوف. وأوفوا والموفون ، وكلها من أوفى والظاهر ان الضمير في عهده يعود الى الموصول «من» وقيل يرجع الى لفظ الجلالة من قوله تعالى (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ). وهو بعيد مع ان قبول الأمانة لا يتضمن عهدا مع الله وإنما يتضمن عهدا مع صاحبها. وان نفس الوفاء بالعهد محبوب لله ولكن ما كل من أوفى بعهده محبوب لله ، بل من أوفى (وَاتَّقى) الله أي اتقى غضبه وعقابه بالأعمال الصالحة وطاعته في أوامره ونواهيه وكانت له التقوى ملكة ومذهبا (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الذين ديدنهم المحاذرة من ان يعرض الله بوجهه الكريم عنهم والعياذ بالله ٧٣ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ) أي بعهدهم مع الله (وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً) يتعلق الاشتراء بالثمن كما يتعلق بالمبيع. والثمن في الحقيقة احد المبيعين والعوضين (قَلِيلاً) مهما كان مما تحملهم اهواؤهم لأجله على الحنث ونقض العهد (أُولئِكَ لا خَلاقَ) أي لا نصيب ولا حظ (لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) لعله كناية عن مقته لهم