وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٤) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي
____________________________________
وسخطه عليهم (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي لا يعطف عليهم برحمته (وَلا يُزَكِّيهِمْ) بالعفو والمغفرة (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ٧٤ وَإِنَّ مِنْهُمْ) أي من اهل الكتاب (لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) زيادة على ما نابه من التحريف أي يفتلون ألسنتهم ويحرفونها في قراءتهم الى ما ليس فيه (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ) نوع (الْكِتابِ) مطلقا بل هو زيادة وتحريف جديد منهم (وَيَقُولُونَ) في غلوائهم في الضلال والكذب على الله فيما لووا اليه ألسنتهم بالكذب منهم (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) انه كذب منهم وافتراء على الله ٧٥ (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ) يرسله الله هاديا لعباده الى الحق و (يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ) في مجمع البيان أي العلم وفي الكشاف الحكمة. ولكن كل منهما بعيد عن اللفظ. فالظاهر انه سيطرة الرسالة والدعوة والإرشاد (وَالنُّبُوَّةَ) في بيان الحقائق (ثُمَ) بعد هذا كله (يَقُولَ) ذلك المبشر الرسول (لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي) ومما يدل عليه هذه الآية أمور ثلاثة ـ الأول ـ ان البشر المتكون في الرحم تدريجا جمادا بلا روح. ثم تتعلق به الروح. ثم يولد ضعيفا فقيرا في جميع أحواله لا علم له. ثم يتدرج في المعرفة والخروج من الجهل ومشابهة البهائم شيئا فشيئا. ويعيش على فقره وضعفه في جميع أموره يتألم ويجوع ، ويعطش ويحزن ويخاف ويضطهد. هذا كيف يعقل وكيف يتوهم المتوهم أن يكون إلها واجب الوجود خالقا ـ الثاني ـ انه وإن اتفق لبعض البشر الناقصين أن يطغى بفساده ونقصه ويدعي الإلهية ويدعو الناس الى عبادته. ولكن ليس من السائغ والممكن في المعقول أن يكون البشر الموصوف في الآية يدعو الناس الى عبادته ويدعي الربوبية والإلهية. فإن الله هو الحكيم العليم بما يكون من عباده. فكيف وهو القدوس يخالف حكمته وعلمه ويؤتي الكتاب والحكم والنبوة لمن يعلم انه يدعو الى الشرك تعالى عن ذلك ـ الثالث ـ الإخبار بأن ذلك لم يقع ولا يقع لأنه من المستحيل على جلال الله. فتكون الآية