وَلَتَنْصُرُنَّهُ
____________________________________
الشرط لتلقي الميثاق و «ما» شرطية نحو قوله تعالى في سورة الأعراف ١٧ (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) أي كلما اتيتكم يا امم النبيين من كتاب يبشر بالنبوة اللاحقة وحكمة تعرفون بها حكمة إرسال الرسول ودلائل صدقه وصرتم بذلك على بصيرة من الرسالة اللاحقة ثم جاءكم بعد هذا رسول دلت الدلائل على صدقه في دعواه الرسالة من الله وهو مصدق لما معكم من البشرى اي يكون مصداقها الذي تصدق به باعتبار انطباقها التام عليه ووضوح الدلالة على رسالته. او مصدقا لما معكم من معارف الإلهية والتوحيد ونبوة الأنبياء الكرام. فلا تمتنع رسالته كما هو الغالب في دعاة الضلال إذ يخالفون دين الحق فيما يرجع إلى الإلهية والتوحيد والمعاد. والميثاق في الآية هو قوله تعالى (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) أي ذلك الرسول. هذا : وقيل ان اللام في «لما» للابتداء و «ما» موصولة لا اداة شرط وهو مبتدأ وخبره لتؤمنن به ويدفعه ـ أولا ـ ان الميثاق كالقسم مما يعتنى بربطه بالجواب وتلقيه بروابط القسم فلا ينقض هذا الغرض بلام الابتداء التي لها الصدر في الكلام ولا يجمع بين المتنافرين وهما ربط العهد وتلقيه مع قطعه بلام الابتداء ـ وثانيا ـ ان الإيمان بما أوتوه من كتاب وحكمة يجب من أول ما يجيئهم به نبيهم إذن فلا معنى لترتبه بثم على مجيء رسول آخر. وكذا الكلام في «لتنصرنه» ان أعيد ضميره على ما أوتوا من كتاب وحكمة ـ وثالثا ـ لا يصح افراد الضمير في الخبر إلا إذا كان المراد بالكتاب والحكمة شيء واحد وهو بعيد وإلا فاللازم تثنية الضمير ـ ورابعا ـ إذا جعلنا «لتؤمنن» خبرا لقوله تعالى (لَما آتَيْتُكُمْ) وكذا «لتنصرنه» فما هي اللام فيهما فإنها حينئذ لا تصلح ان تكون رابطة لجواب العهد والميثاق ولا مزحلقة لأن المزحلقة مختصة بخبر «ان» و ـ خامسا ـ لو قيل ان مساق الآية هو للذي آتيتكم من كتاب وحكمة لتؤمنن به ثم ان جاءكم رسول لتنصرنه فتكون جملة جاءكم وما بعدها فرد آخر من جنس الميثاق المأخوذ لقلنا ـ أولا ـ من أين لنا بالشرط في «ثم ان جاءكم» وليس هناك على قولكم شرط معطوف عليه ـ وثانيا ـ ان القرآن الكريم يجل عن مثل ما تفرضون من الكلام المعقد والمتداخل الأجزاء تداخلا يهون دونه قول الشاعر :
وما مثله في الناس إلا مملكا |
|
ابو امه حي أبوه يقاربه |