قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ(٧٨) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٧٩) أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً
____________________________________
فلا مناص عما ذكرناه من التفسير ويكون عموم الخطاب باعتبار من يدرك دعوة الرسول الثاني من الأمم وهكذا. وان رسول الله محمد خاتم النبيين (ص) هو اظهر افراد الرسل في هذا الميثاق لتكرر البشرى به في كتبهم بشرى تشرف على الصراحة في تعيينه بأقرب ما يفهمه البشر الجاهل بالغيب في تعيين من يأتي في المستقبل. ولظهور الدليل على رسالته وكتابه وبقائه في جميع الأزمان وهو القرآن الكريم ودلائل الرسالة فيه كما أشرنا اليه في الفصل الأول من المقدمة. ومن نصره (ص) نصر من هو نفسه ووصيه في أمته ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى وصاحب عهد الغدير ووصية الثقلين وغير ذلك عليّ عليهالسلام ، وعلى هذا الوجه ينزل بعض ما جاء في ذلك من الروايات (قالَ) أي الله جل اسمه للنبيين (أَأَقْرَرْتُمْ) بذلك بين الأمم في تبليغكم إياه لهم (وَأَخَذْتُمْ) على أممكم (عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) اي عهدي وميثاقي (قالُوا) أي النبيون (أَقْرَرْنا) بذلك بين اممنا وباعتبار ان قولهم هذا جواب للاستفهام التقريري ينحل إلى قولهم أيضا وأخذنا عليهم على ذلك عهدك واصرك (قالَ) الله للنبيين (فَاشْهَدُوا) على أممكم بهذا الميثاق (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ٧٨ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ) من الأمم عن هذا الميثاق واعرض عنه وكفر بمن يأتي من الرسل وخصوص خاتمهم البينة حججه والساطع برهانه والعام الباقي معجزه (فَأُولئِكَ) المتولون (هُمُ الْفاسِقُونَ) الخارجون عن حجاب الايمان والطاعة ٧٩ (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) بتوليهم عن عهد الله ودين الحق الإيمان بالله ورسوله وكتابه وبمحادتهم لله بهذا التولي وخروجهم عن طاعته وهذا الاستفهام انكار عليهم وتسفيه لهم والحجة قوله تعالى (وَلَهُ أَسْلَمَ) اي والحال انه جل شأنه دخل في سلمه وانقاد اليه (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والانس والجن (طَوْعاً وَكَرْهاً) بفتح الكاف قيل انه من الكراهية أي طائعين وكارهين. وقيل من الإكراه اي طائعين ومكرهين. كظاهر قوله تعالى في سورة النساء ٢٣ (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) أي اكراها. والثاني هو المناسب في الآية للمقابلة بالطوع وهو مقتضى الروايات المذكورة في تفسيري البرهان والدر المنثور عن