(٨٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٨٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ
____________________________________
هي لازمة في رحمة الله ولطفه لأنه غفور رحيم لكل من هو أهل المغفرة والرحمة. قيل ان الآيات نزلت في الحارث بن سويد رجل من الأنصار ارتد وتاب وتاب الله عليه. وفي مجمع البيان وهو المروي عن أبي عبد الله (ع). أقول ولم أجد الرواية مسندة. والروايات في الدر المنثور في هذا المقام متدافعة ٨٦ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) وقال جل شأنه في سورة النساء ٢١ (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) أي بمقتضى حكمته ولطفه في الدعوة الى الصلاح وقطع مادة الفساد ورحمته بعباده (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) من عمرهم لا في آخره عند الموت الذي كان يرونه بعيدا (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بأن توبتهم عن اهتداء وندم حقيقي. لا لانقطاع آمالهم من الحياة وشهواتها واهوائها عند معاينة الموت وانكشاف الحقائق «حكيما» في قبول التوبة ٢٢ (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وعاين ما عاين فانقطعت عنه لذلك دواعي الهوى ونزعات النفس الأمارة الى الضلال (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) وقال جل اسمه في سورة يونس في شأن فرعون ٩٠ (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ٩١ «الآن» يا فرعون حينما انقطعت عنك آمال الطغيان التي سولت لك ادعاءك للربوبية فعصيت وأفسدت وكفرت بآيات الله (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ): والظاهر اجماع المسلمين على قبول التوبة الصادقة قبل حضور الموت وحينما تكون دواعي الهوى ونزعات النفس الأمارة تبعثه على القبيح ويصدها عقله وتوبته وخوفه من الله وتقواه. فتكون واردة في توبة الذين كفروا بعد إيمانهم عند معاينة الموت أو ماتوا وهم كفار ، وفي يوم القيامة يحاولون التوبة. وربما يرشد الى ذلك العدول عن قوله تعالى لا تقبل توبتهم الى قوله (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) الذي هو نص على النفي في المستقبل مع ان قبول التوبة مقارن لها. فيكون في ذلك اشارة الى ان توبتهم المستقبلة المتأخرة عن حياتهم العادية وآمالهم فيها لن تقبل منهم (وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) مدة حياتهم قبل معاينة الموت بل وعندها ٨٧ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً)