تَبْغُونَها عِوَجاً
____________________________________
والسيوطي في الدر المنثور عن زيد بن اسلم ان الآية نزلت في شاس بن قيس اليهودي لما أمر يهوديا أن يجلس مع الأوس والخزرج ويهيج الأضغان فيما بينهم ويذكرهم الحروب التي دارت فنما بينهم من يوم بغاث وما قبله : ويدفع ذلك مع وهن السند ان ذلك ليس صدا عن سبيل الله وإنما يناسبه التوبيخ على القاح الفتنة وتهييج الشر بين الناس. فالآية الكريمة على رسلها في توبيخ اهل الكتاب على دأبهم في التصدي لإضلال الناس وصدهم عن الإسلام بأنواع الوسائل. والسبيل كالطريق يذكر ويؤنث والأكثر في القرآن تذكيره. وجاء مؤنثا في سورة يوسف ١٠٨ (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) وفي هذه لآية (تَبْغُونَها) أي السبيل قال في التبيان ومعناه تطلبون لها عوجا. ونحوه في الكشاف. وحكاه الرازي في تفسيره عن ابن الأنباري وانه مثل وهبتك درهما أي وهبت لك. وصدتك ظبيا أي صدت لك وأنشد :
فتولى غلامهم ثم نادى |
|
أظليما اصيدكم أم حمارا |
وفي النهاية في الحديث ابغني أحجارا استطيب بها يقال ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي وابغوني حديدة استطيب بها. وفي لسان العرب قال واقد بن الغطريف كما في ديوان الحماسة وغيره :
لئن لبن المعزى بماء مويسل |
|
بغاني داء إنني لسقيم |
وقال الأعشى :
حتى إذا ذرّ قرن الشمس صبّحها |
|
ذؤال نبغان يبغي قومه المتعا |
أي يبغي لصحبه الزاد. وفي الصحاح «ليبغيه خيرا وليس بفاعل» أي ليبغي له (عِوَجاً) مفعول لتبغونها ومثله في سور الأعراف ٤٣ و ٨٤ وهود ٢٢ وابراهيم ٣ وفي مجمع البيان في سورة الأعراف ويجوز ان يكون منصوبا على المصدر نحو رجع القهقرى واشتمل الصمّاء ويدفعه ان العوج ليس من معنى يبغون ولا يدانيه فلا يكون مثل هذين المثالين. والمصدر لا ينصب على المصدرية إلا بعامل من لفظه او معناه. وذكر الرازي وجها آخر وهو ان يكون عوجا في موضع الحال والمعنى تبغونها ضالين يعني حال كونكم معوجين. ويدفعه ان لا قرينة ولا حاجة الى تأويل عوجا بمعوجين مضافا الى ان الآية معناها الإنكار على اضلالهم لاضلالهم وقد