فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٩٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ
____________________________________
وانقطاعه اليه ليمنعه ويحفظه بهداه وتوفيقه من محاذير الضلال واتباع الهوى والنفس الأمارة وموبقات المعاصي والأخلاق الذميمة ، ومهالك غضب الله ، وحرمان لطفه وتوفيقه ورضاه والمحقق لهذا الاعتصام بعد مخالفة الهوى والنفس الأمارة هو اتباع دلالة العقل والفطرة وما جاءت به رسل الله في معرفته مع النظر في آياته واتباع مدلولها والإيمان برسله وكتبه. وفي حال الخطاب هو الإيمان بخاتم النبيين وقرآنه واتباعهما فيما جاءا به وبلغه رسول الله حق الاتباع ومن جرى على هذا الاعتصام (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وان هذا الاعتصام لصراط مستقيم يؤهل العبد الى توفيق الله له لسلوك الصراط المستقيم ٩٨ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) أي اتقوا غضبه وما يخاف منه بطاعتكم له (حَقَّ تُقاتِهِ) جاء في سورة البقرة ١١٥ (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ). والأنعام ٩١ والحج ٧٣ والزمر ٦٧ (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ). والحج ٧٧ (جاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ). والحديد ٢٧ (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها). فالمعنى ما يحق ويليق بجلاله من تقاته ويكون نصب «حق» على النيابة عن المفعول المطلق المضاف اليه لأنه من صفاته. وفي تفسير البرهان عن معاني الاخبار ومحاسن البرقي في الصحيح عن الصادق (ع) يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر ، ونحوه عن ابن شهرآشوب عن تفسير وكيع عن علي (ع) وفي الدر المنثور ذكر جماعة أخرجوه منهم الحاكم وصححه عن ابن مسعود. وأخرجه الحاكم ايضا وصححه عن ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) ان يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ، ومن المعلوم ان الله لا يكلف العبد في مفردات التكاليف بما لا يقدر عليه ولا يجمع عليه منها ما هو فوق ما يقدر عليه ولا يستطيع الإتيان بجميعه. إذن فحق تقاة العبد لله أن يتقيه في جميع ما الزمه به أو كما ذكرت الروايات المتقدمة. وان التكليف الذي هو لطف بالعباد لتكميلهم لا يتنازل عن هذا المقدار والإلزام لا يتساهل فيه. نعم قد يقتضي اللطف والتيسير أو عدم القدرة والاستطاعة من أول الأمر أن لا يكلف ببعض الأفعال او التروك وإن كانت من سنخ الواجبات. وعليه لا يكون الارتكاب لها مما ينبغي أن يتقى الله ويخاف من أجله. وعن قتادة والسدي والربيع ان قوله تعالى (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) منسوخ بقوله تعالى في سورة التغابن ١٦ (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) كما ذكر روايته في الدر المنثور عن قتادة والربيع. وذكر