وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(١٠٠) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
____________________________________
الآية للإشارة الى ان عدم الاعتصام به يوجب السقوط في مهواة الضلال والهلكة (وَلا تَفَرَّقُوا) عن حبل الله والاعتصام به (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي ولتكن نعمة الله المذكورة على ذكركم دائما فإن لكم فيها موعظة وعبرة تدعوكم الى الاجتماع على الاعتصام بحبل الله وتزجركم عن التفرق عنه. وذلكم (إِذْ كُنْتُمْ) في جاهليتكم (أَعْداءً) بحسب قبائلكم بل والكثير من آحادكم (فَأَلَّفَ) الله ببركة الإسلام والرسول (بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ) عليكم بهذا التأليف (إِخْواناً) كعادة الاخوان الاشقاء في كونكم يدا واحدة بقلوب مؤتلفة (وَكُنْتُمْ) في شرككم وعدوانكم واعمالكم الجاهلية (عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) أي طرف الحفرة وحافتها مشرفين على السقوط فيها ما بينكم وبينه إلا الموت وهو قريب منكم (فَأَنْقَذَكُمْ) وأنجاكم (مِنْها) في الكافي عن الصادق (ع) فأنقذكم منها بمحمد (ص) ونحوه عن العياشي عن الصادق (ع) ايضا ونحوه ما في الدر المنثور عن الطستي عن ابن عباس وهو تفسير جلي (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) ومنها التأليف بين قلوبكم بعد تلك العداوات الشديدة والأحقاد المتوغلة في قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ومنها انقاذكم من تلك الضلالات المشرفة بكم على الخلود في درك الجحيم يبينها لكم (لَعَلَّكُمْ) تنتبهون و (تَهْتَدُونَ ١٠٠ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) اللام للأمر و «منكم» للتبعيض فالوجوب كفائي منوط بحصول الغرض كما في التبيان. والحكم في الآية كسائر التكاليف لطف عام لجميع الناس وإن كان الخطاب متوجها الى المسلمين لأنهم حينئذ هم المصغون الى خطاب الوحي والمتلقون لشرائعه بترحيب الإيمان. وفي التبيان وقيل «من» لتخصيص المخاطبين من بين سائر الأجناس مثلها في قوله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ). أقول يعني ان «من» تفيد هنا ما يسمى في الاصطلاح بالتجريد نحو رأيت منك أسدا وليكن لي منك صديق ، وكقول الزعيم لأصحابه لينهض منكم جيش ولينتظم منكم صفوف إذا أراد نهوضهم وانتظامهم بأجمعهم أي كونوا جميعا