مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٠) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١١) وَما يَفْعَلُوا مِنْ
____________________________________
والغيّ بأجمعهم بل (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ) وجماعة (قائِمَةٌ) للعبادة او كناية عن الاستقامة في الإيمان والطاعة والعناية بوظائف العبادة (يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ) آناء جمع قيل ان مفرده «أني» بفتح الهمزة او كسرها وسكون النون او «أنو» بالواو أي في ساعات الليل وأوقاته (وَهُمْ يَسْجُدُونَ) في التبيان ان الواو ليست للحال بل لعطف جملة «هم يسجدون» على جملة «يتلون» أقول أظن الداعي لهذا التفسير حمله للآية على من اسلم من اهل الكتاب وان الذي يتلونه هو آيات القرآن وليس في سجود المسلمين تلاوة. لكن فيه أولا عدم ظهور الفائدة والمنشأ في العدول الى الجملة الاسمية والإتيان بالضمير فإن الحصر لا محل له. وافادة الدوام تحصل من الفعل المضارع وثانيا لم يصح ان الآية نزلت في ابن سلام وأمثاله ممن اسلم من اهل الكتاب بل لم يعهد من هؤلاء اتصافهم بالصفات المذكورة في الآية والتي بعدها. بحيث يستحقون التنويه بها مع ان الآية السابقة وخصوص قوله تعالى (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ) تدل على ان السياق هو في احوال اهل الكتاب من الأوائل فالمناسب أن يراد المؤمنون منهم لبيان فضلهم وإخراجهم من تلك المذمة العامة. فالمتلو لهم هي آيات كتبهم الحقيقية ولم يعلم انه يمتنع في شريعتهم ان يتلوها في سجودهم. بل يمكن على الوجهين ان يتجه كون الواو حالية بأن يكون المراد يتلون فيما بين سجودهم المتتابع في القيام للعبادة كما يقال يتكلمون وهم يشربون ويحدثون بنعمة الله عليهم ويخاطبون بالموعظة والحث على العبادة وهم يصلون أي فيما بين صلواتهم المتتابعة ١١٠ (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) صفة ثانية لأمة (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يوم المعاد ويعملون على حقيقة الإيمان به (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) بتقواهم وحبهم للخير وطلبهم لرضا الله بلا توان ولا حاجة الى البعث والإلجاء. وما أوضح كلمة «يسارعون» في الدلالة على اختيار الإنسان في أفعاله. وسوق الآية وتمجيدها يدل على ان هذه الصفات صفات ثابتة لهم ناشئة عن ملكات راسخة (وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ١١١ وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) بل ينوه بفضلهم فيه ويوفيهم الله جزاءه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) مهما