خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٢) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٣) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
____________________________________
أسروا اعمالهم الصالحة وتقواهم. وقد اقتضت مناسبة المقام والمقابلة توبيخ الكافرين على كفرهم وسوء اعمالهم وبيان خسرانهم وخيبتهم وسوء عاقبتهم فقال عزوجل ١١٢ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وقد مرّ تفسير الآية في الآية الثامنة وزيد عليها هاهنا ببيان الخلود في النار وان دلت عليه بالاشارة في قوله تعالى (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ). وان قيل ان هؤلاء الكافرين ربما ينفقون من أموالهم شيئا في صلة الرحم ونفع المحتاجين من الفقراء والمساكين وغير ذلك فلما ذا لا تغني عنهم أموالهم فلقد أزاح الله علة هذه الشبهة بقوله ١١٣ (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا) وتضييعهم له فيها بكفرهم وان قصدوا وجها يزعمون انه وجه الله ولكنه ليس بوجه الله الذي كفروا بآياته وأشركوا به ووصفوه بما يجل عنه من الصفات (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ) هذا من التشبيه المركب ليتبين منه حال كفرهم مع إنفاقهم في احباطه بما جنوه على أنفسهم ولذا صدّر المثل ببيان المتلف للحرث ليروع الكافرين بعنوانه في صدر المثل. والصر بكسر الصاد هو البرد الشديد او شدة البرد كما نص عليه جل اللغويين والمفسرين وذكر في الدر المنثور جماعة أخرجوه عن ابن عباس من طرق متعددة. وروى الطستي ان ابن عباس استشهد له بقول النابغة الذبياني :
لا يبردون إذا ما الأرض جللها |
|
صرّ الشتاء من الإمحال كالأدم |
وأنشد في الكشاف قول الشاعر :
لا تعدلنّ اتاويين تضربهم |
|
نكباء صرّ بأصحاب المحلات |
والحرث هو المزروع في الأرض. والأنسب في فهم قوله تعالى ظلموا أنفسهم انهم ظلموها بزرعه في غير أوان زرعه بحسب الفصول او في غير بلاد زرعه من الأرض (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) باحباط عملهم بكفرهم (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) باختيارهم الكفر الملقى لهم في هلكة