(١١٥) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
____________________________________
البيان ومرمى الإشارة وواجب العمل على البيان والحذر من أن لا تتخذوا منهم ولا من أمثالهم بطانة ١١٥ (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) «أنتم» مبتدا والظاهر ان «أولاء» نداء يفيد هنا فائدة الاختصاص تأكيدا للومهم في مقام التحريض على التباعد عن أولئك وأمثالهم (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) الظاهر ان الجملة حالية والعامل فيها «تحبونهم» ويجوز ان تكون خبرا ثانيا بالعطف (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ) القرآن ولبعض المفسرين في تفسير الكتاب تكلفات (كُلِّهِ) وقد نهيتم فيه قبل هذا عن الركون الى الذين ظلموا كما في سورة هود المكية وفيه (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) كما في سورتي البقرة والأعراف المكية. و (الظَّالِمِينَ) كما في سورة الشورى المكية. و (بِالْمُفْسِدِينَ) كما في سورة القصص المكية. و (الْخائِنِينَ) كما في سورة الأنفال. و (بِالْكافِرِينَ) كما في سورة الروم. فهل يسوغ ويحسن منكم ايها المؤمنون بالكتاب كله ان تحبوا من لا يحبه الله لأجل شره (١) والظاهر ان الجملة معطوفة على الخبر أي ها أنتم تحبونهم وتؤمنون بالكتاب كله وكيف تجمعون بين الأمرين وقد سمعتم من الكتاب انه ينهاكم عن الركون الى الذين ظلموا ويوعز لكم ان لا تحبوا هؤلاء وأمثالهم فإن الله لا يحبهم. وفي الكشاف ان الجملة حالية. ويرد عليه وجود الواو وهي لا تدخل على الحالية من المضارع المثبت. وتقدير الضمير لتكون اسمية لا داعي له (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا) بنفاقهم ومخادعتهم (آمَنَّا) بما آمنتم به ونحن معكم ومنكم (وَإِذا خَلَوْا) ولم يكن معهم احد منكم (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) من أجل إيمانكم وعلو كلمتكم بظهور الإسلام. وعضّ الأنامل يكون عند شدة الغيظ بحيث لا يتمالك المغتاظ عن ان يعض أنامله ويؤلمها كما قال ابو طالب «يعضون غيظا خلفنا بالأنامل» والحرث بن ظالم المري «يعضون من غيظ رؤوس الأباهم» والأنامل أطراف الأصابع. والأباهم جمع إبهام (قُلْ) لهم يا رسول الله (مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) فإن الله معل كلمة الحق وسلطان الإسلام وخاذلكم (إِنَ
__________________
(١) وان الجهل بترتيب النزول ضيع علينا كثيرا مما نزل قبل هذه الآية في التحذير من موالاة أمثال هؤلاء فضلا عن اتخاذهم بطانة. ولعل من ذلك ما في سورة الممتحنة والمجادلة والنساء وغيرها