وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١٩) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
____________________________________
الستين بعد المائة حتى الثانية والستين من السورة (١) وقد قال الله تعالى في الطائفتين (وَاللهُ وَلِيُّهُما) وفي ذلك دلالة على ان الله عصمهما عما همتا به. وقد ذكر في الآيات المشار إليها من ذم الله لعبد الله وأصحابه ومقته لهم شيئا كثيرا وانهم للكفر يومئذ اقرب منهم للإيمان وقوله تعالى (إِذْ هَمَّتْ) بدل من (إِذْ غَدَوْتَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فإنه وليهم وناصرهم ولا يهنوا عن نصر الدين بنفاق البعض وخذلانه. كيف ١١٩ (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) ذلك النصر الباهر على أعدائكم ذوي العدد المناهز للألف والعدة الكاملة من الخيل والنعم والسيوف والدروع (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) بقلة عددكم إذ كان جميع جيشكم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وبوهن عدّتكم «والمأثور ان معظم سلاحهم جريد النخل وليس معهم من الخيل إلا فرسان. وإبلهم أباعر معدودة يتعاقب عليها بعضهم وبعضهم مشاة ولم يخرجوا باهبة حرب ولا عزة محارب (فَاتَّقُوا اللهَ) في نصر دينه والتوكل عليه وعدم التخاذل بنفاق المنافق (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي لغاية ان تشكروا الله على ما يمنحكم من عظائم النعم والنصر الباهر (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ)
__________________
(١) قال الطنطاوي في تفسيره ٢ ج ص ١٤٣ س ٢٠ (عليم) بنياتكم وما يصيبكم بترككم مراكز القتال لما انهزم عبد الله بن أبي سلول فهمت بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وهما كانا جناحي العسكر انتهى ومن معلوم التاريخ ان المسلمين ما تركوا مراكز القتال لانهزام عبد الله بن أبي سلول بل لم يكن عبد الله وأصحابه معهم فجاهدوا وغلبوا المشركين وهزموهم فتركوا مراكزهم لانكبابهم على الغنائم من رحال المشركين او كما يزعم هو في الصفحة المذكورة لاتباعهم مدبرّي المشركين وانظر صفحة ١٥٣ ـ ومن المعلوم ايضا ان ابن سلول لم ينهزم هو وأصحابه بل رجعوا من بعض الطريق قبل ان يصل النبي (ص) وأصحابه إلى احد وقبل ان ينظم عسكره ومعسكره ويبوء المؤمنين مقاعد للقتال او يكون لعسكره ترتيب وجناحان. فابن أبي سلول وأصحابه من القاعدين عن الجهاد والتوجه إلى ميدان الحرب لا من المنهزمين .. ومن المعلوم من سياق القرآن الكريم واتفاق التفسير كما ذكره هذا المفسر ايضا صفحة ١٥٦ ان ابن أبي سلول وأصحابه هم الذين حكى الله قولهم بقوله تعالى في الآية ال ١٦٠ لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ ـ ١٦٢ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا : فهم القاعدون الذين لم يتبعوا الجيش للقتال لا من المنهزمين