إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٣) (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٤) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ
____________________________________
وشوكة المدد فشاء الله برحمته أن يجاري بشريتهم بما تتحقق لهم به البشرى والاطمئنان في حربهم بل والاطمئنان بأنهم على الحق اليقين وان الله معهم فما جعله (إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) ايها المسلمون المجاهدون (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) أي بسبب الأمداد المذكور (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ) في أمره (الْحَكِيمِ) في اعماله ونصره وتطييب قلوب المؤمنين وليس النصر من الملائكة ولا من غيرهم ١٢٣ (لِيَقْطَعَ) تعليل للنصر لا لقوله تعالى فيما سبق (نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) كما ذكر في التبيان ومجمع البيان قوله وذكره في الكشاف أول التفسيرين فإنه لا يلايم الترديد والتقسيم في قوله تعالى (ليقطع او يكبت) بل الذي يناسبه هو النصر المطلق الذي يقطع به (طَرَفاً) أي بعضا (مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ويهلكهم كما في يوم بدر وخيبر ونحوهما (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) كما في يوم الأحزاب وأمثاله. في المصباح كبته اهانه وأذله وكبته لوجهه صرعه. وفي النهاية أذله وصرفه وصرعه وخيبه. وفي القاموس صرعه وأخزاه وصرفه وكسره وردّ العدوّ بغيظه وأذله. وعن الخليل الكبت صرع الشيء على وجهه وحقيقة الكبت شدّة الوهى الذي يقع في القلب وربما صرع الإنسان لوجهه للخور الذي يدخله. وفي التبيان الكبت الخزي ونسب ما عن الخليل الى القيل. وفي الكشاف يخزيهم ويغيظهم بالهزيمة أقول والمراد من الكبت في الآية معنى تحوم حوله هذه المعاني التي يأخذونها مما تسنح لهم من مناسبة المقام او موارد الاستعمال ولعله نحو مجاز مما ذكر عن الخليل (فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) الخيبة معروفة وفسرت بالانقطاع عما امل وهو انسب مما ذكر لها من التفسير ، ١٢٤ (لَيْسَ لَكَ) يا رسول الله (مِنَ الْأَمْرِ) في شؤون الخلق من حيث الإيصال إلى الهدى والتوبة والتعذيب ونحو ذلك (شَيْءٌ) مما يرجع إلى قدرة الله ولا داخل تحت قدرتك فإنك بشر مخلوق وانما الأمر في ذلك لله (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) بنصب يتوب أي إذا تابوا وأصلحوا (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) بالنصب أيضا إذا لم يتوبوا فيتوب عليهم (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) اختار في الكشاف ان نصب يتوب ويعذبهم بالعطف على «ليقطع» وجملة ليس لك من الأمر معترضة ونسب غيره إلى القيل. وذكره قبله في التبيان أول الوجهين