(١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ
____________________________________
وفي مجمع البيان احد الوجهين. ويدفعه زيادة على وهن اعتراض الجملة ان التوبة والعذاب لا مناسبة لكونهما غاية للنصر لكي يقال بعطفها على «ليقطع او يكبت» ونقل في الكشاف قولا حاصله ان يتوب ويعذبهم منصوبان بان مضمرة بعد او. والمصدر في محل الجر بالعطف بأو على الأمر أي ليس لك من الأمر والتوبة عليهم او عذابهم شيء. او في محل الرفع بالعطف على شيء أي ليس لك من الأمر شيء او التوبة عليهم او تعذيبهم. وفي التبيان ومجمع البيان ذكرا وجها آخر نسبه الكشاف الى القيل وهو ان او بمعنى إلا. وذلك كقول زياد الأعجم
«وكنت إذا غمزت قناة قوم |
|
كسرت كعوبها او تستقيما» |
بمعنى ليس لك من الأمر شيء إلا توبة الله عليهم او عذابهم فيكون أمرك تابعا لأمر الله لرضاك بتدبيره كما في التبيان ومجمع البيان وأقول ان الأمر في توبة الله عليهم او تعذيبه لهم إنما هو لله وحده فلا يصح استثناؤه وإثباته للرسول بالاستثناء المتصل ولا يجدي في ذلك التفريع بقولهما فيكون أمرك تابعا لأمر الله مع انه لا دلالة على هذا التفريع. فالوجه ان تكون «او» الأولى بمعنى «الا» التي هي للاستدراك مثل «لكن» المخففة كما في الاستثناء المنقطع الرافعة لما يتوهم من الكلام السابق عليها فإن سياق قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) بعد ذكر الذين كفروا في الآية السابقة قد يتوهم منه انه لا يقع شيء مما يرجوه الرسول من صلاحهم وإسلامهم فجرى الاستدراك بما يؤدي إلا ان رجاء الرسول لا ينقطع بالنفي المتقدم بل يتوب الله على من يتوب وينيب الى الإسلام ويعذب الذين لا يتوبون لأنهم ظالمون بكفرهم وسوء اعمالهم. وروي في الدر المنثور في نزول الآية روايات لا تكاد أن تنطبق. منها عن احمد والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عمر ان رسول الله قال يوم أحد اللهم العن أبا سفيان وذكر ثلاثة معه فنزلت الآية. ويدفعه ان الدعاء باللعن ليس من الأمر المنفي عن رسول الله بل دعاء جعله الله لرسوله ولسائر المؤمنين بقوله تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ). وقد لعن الله الظالمين والكافرين. وكذا الكلام فيما أخرجه البخاري ومسلم وجماعة عن أبي هريرة ان النبي قنت بعد الركوع ودعا بنجاة اشخاص ولعن بعضا فنزلت الآية. مضافا الى ان الآية لا تناسب الدعوة بالنجاة مع ان هاتين الروايتين وأمثالهما متنافية بالتعارض في سبب النزول ١٢٥ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) والأمر بيده (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) كقوله تعالى في سورة ط