وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٢٧) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٢٨) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٢٩) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٠) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ
____________________________________
المكية ٨٤ (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)(وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) من لم يحسن توبته (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن تاب وأناب ١٢٦ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) هذا بيان لنحو من جهات المفسدة فيه وذلك انه بحسب طبعه وجوره يستهلك اموال المديون ويكون ما يأخذه منه أضعافا مضاعفة بالنسبة لما استدانه فإياكم وباب هذا الجور (وَاتَّقُوا اللهَ) فإن التقوى هي التي يقوم بها النظام ويستقيم الاجتماع (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي لغاية ان تفلحوا ١٢٧ (وَاتَّقُوا النَّارَ) جهنم (الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) وما أخس مقامها وأعظم عذابها بهذا الاعداد المشوم وما اخس المسلم الذي يلقي نفسه بسوء اعماله واكله الربا في هذه النار ١٢٨ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي لغاية ان ترحموا إذا ثبتم على الطاعة الكاملة ١٢٩ (وَسارِعُوا) بصالح اعمالكم وحسن توبتكم ولا تسوفوا فيفوتكم حظكم (إِلى مَغْفِرَةٍ) لكم (مِنْ رَبِّكُمْ) وولي أموركم (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا) اي مقدار عرضها (السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ولا بد من ان يكون طولها اكثر من ذلك بحسب ما شاء الله. وان أوهام الهيئة القديمة في أفلاكها ومحدد الجهات لتثير هاهنا سؤالا ولكن من يعرف قدرة الله وسعة ملكوته لا تعترض هذه الأوهام ايمانه. وذكرت سعة الجنة ليطمئن الإنسان بأن له ما تشتهيه نفسه من المحل الواسع ولعل هذا التقدير للعرض جار على ما يناله تصور نوع الناس من التمثيل بالموجود في الخارج وهذه الجنة (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) لله وكانت التقوى لهم ملكة ثابتة. وإليك شيئا من صفاتهم الكريمة ١٣٠ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) لوجه الله (فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) في الدر المنثور عن ابن عباس في حالتي اليسر والعسر. وفي التبيان وقيل في حال السرور والاغتمام أي لا يقطعهم شيء من ذلك عن الإنفاق فيدخل فيه اليسر والعسر انتهى وينبغي ان يراد اسباب الاغتمام نوعا من انواع الضراء وهذا اقرب وادخل بعمومه في المدح (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) كظم غيظه حبسه