وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٣٧) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (١٣٨) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
____________________________________
ونداولها خبر. وجرى ما جرى على مقتضى أحوال الناس من نفاق عبد الله بن أبي وأصحابه ورجوعهم من الجيش ومن مخالفة من خالف كالكثير من اصحاب عبد الله بن جبير ومن فرار من فر وكان ما كان من جري الأمور على أسبابها لإجراء الأمور على مقاديرها (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ولتكون العاقبة ان يتحقق في الخارج ايمان الذين آمنوا واتبعوا الرسول إلى الحرب وجاهدوا ويعلمهم الله في الأزل بعلمه التابع ويقارن ذلك في استمراره عملهم في الإيمان والجهاد (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) اي ولتكن العاقبة ان يفوز بعضكم بالشهادة. وفي التعبير بقوله تعالى (وَيَتَّخِذَ) تكريم عظيم للشهداء إذا كان استشهادهم باتخاذه لهم واختياره لهم الحسنى (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ولكنكم فررتم وخالفتم فتسلط عليكم الظالمون بحسب مجرى الأسباب والمقادير واحوال الحرب ١٣٧ (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ولتكن العاقبة ايضا تمحيص المؤمنين من غيرهم. والتمحيص التخليص اما من شين الخليط بتمييز المؤمن بإيمانه من غيره. واما بتخليص المؤمن من الذنوب والأظهر الأول (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) بنقصهم شيئا فشيئا حتى يضمحلوا ١٣٨ (أَمْ حَسِبْتُمْ) أم منقطعة في مقام الاستفهام الانكاري (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) جملة «ولما يعلم» حال من «تدخلوا» وكلمة «لما» تفيد النفي المستمر إلى زمان الخطاب او متعلق الحال لما هو في مقام الوقوع. اي حسبتم ان تدخلوا الجنة حال عدم علم الله التابع من الأزل إلى أوان دخول الجنة بجهاد المجاهدين. وحاصل المعنى أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يجاهد المجاهدين منكم فذكر علم الله لأنه لازم للوقوع وفي ذلك اشارة الى وقوع الجهاد وحصول المجاهدين والصابرين (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) بنصب يعلم بان مضمرة والواو بمعنى مع أي يعلم الذين جاهدوا مع علمه بالصابرين. كما يقال لا تأكل السمك وتشرب اللبن بنصب تشرب أي لا تأكله مع شريك اللبن ويكون العلم بالصابرين قيدا لاثر العلم بالمجاهدين وحاصله ان دخولكم الجنة منوط بجهاد المجاهدين مع صبر الصابرين الثابتين مدة الجهاد في مركز الحرب واحتدام لظاها. فلا تظنوا انكم تدخلون الجنة